الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } * { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير حفص أأعجمي بهمزتين وقرأ هشام عن ابن عامر بهمزة واحدة وقرأ الباقون بهمزة واحدة ممدودة. الحجة: قال أبو علي الأعجمي الذي لا يفصح من العرب كان أو من العجم قالوا زياد الأعجم لآفة كانت في لسانه وكان عربيّاً وقالوا صلاة النهار عجماء أي تخفى فيها القراءة ولا تبين ويجمع الأعجم على عجم أنشد أبو زيد:
يَقُولُ الْخَنا وأبْغَضُ الْعُجْمِ ناطِقاً   إلى رَبِّنا صَوْتُ الْحِمارِ اليُجَدَّعُ
أي أبغض صوت العجم صوت الحمار وتسمّي العرب من لم يبيّن كلامه من أيّ صنف كان من الناس أعجم ومنه قول ابن الأخزر:
سَلُّومُ لَوْ أصْبَحْتَ وَسْطَ الأَعْجَمِ   بِالــرُّومِ أوْ بِالتُّـــرْكِ أوْ بِالدَّيَلمِ
فقال لو كنت وسط الأعجم ولم يقل وسط العجم لأنّه جعل كل من لم يبيّن كلامه أعجم فكأنه قال وسط القبيل الأعجم والعجم خلاف العرب والعجمي خلاف العربي منسوب إلى العجم وإنما قوبل الأعجمي بالعربي في الآية وخلاف العربي العجمي لأنّ الأعجمي في أنّه لا يبيّن مثل العجمي عندهم فمن حيث اجتمعا في أنهما لا يبينان قوبل به العربي في قوله { أعجمي وعربي } وينبغي أن يكون الأعجمي الياء فيه للنسب نسب إلى الأعجم الذي لا يفصح وهو في المعنى كالعجمي وإن كانا يختلفان في النسبة فيكون الأعجمي عربيّاً ويجوز أن يقال للرجل أعجمي ويراد به ما يراد بأعجم بغير ياء النسب كما يقال أحمر وأحمري ودوار ودواري وقوله { ولو نزّلناه على بعض الأعجمين } مما جمع على إرادة ياء النسب فيه مثل قولهم النميرون ولولا ذلك لم يجز جمعه بالواو والنون ألا ترى أنك لا تقول في الأحمر إذا كان صفةً أحمرون وإنّما جاز الأعجمون لما ذكرنا فأمّا الأعاجم فينبغي أن تكون تكسير أعجميّ كما كان المسامعة تكسير مسمعي وقد استعمل هذا الوصف استعمال الأسماء فمن ذلك قوله:
حَـزقٌ يَمانِيـةٌ لأَعْجَــمَ طِمْطِــمِ   
فينبغي أن يكون من باب الأجارع والأباطح وأمّا قوله تعالى { أعجمي وعربي } فالمعنى المنزل أعجمي والمنزل عليه عربي فقوله أعجمي وعربي يرتفع كل منهما على أنّه خبر مبتدأ محذوف وهذه الآية في المعنى كقولهولو نزّلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين } [الشعراء: 198]. المعنى: ثم عزّى سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم فقال { ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرسل من قبلك } أي ما يقول هؤلاء الكفار لك إلا ما قد قيل للأنبياء قبلك من التكذيب والجحد لنبوتهم عن قتادة والسّدي والجبائي. وقيل: معناه ما يقول الله لك إلا ما قد قاله للرسل من قبلك وهو الأمر بالدعاء إلى الحق في عبادة الله ولزوم طاعته فهذا القرآن موافق لما قبله من الكتب.

السابقالتالي
2