الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } * { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }

اللغة: النزغ النخس بما يدعو إلى الفساد يقال نزغ ينزَغ فلان ينزغ فلاناً كأنّه ينخسه بما يدعوه إلى خلاف الصواب وألحد: مال عن الحق ويقال لحد يلحد أيضاً بمعناه ويسمّى القرآن ذكراً لأنّه ذكر فيه الدلائل والأحكام. الإعراب: وإمّا ينزغنك هي إن التي للجزاء زيد عليها ما تأكيداً فأشبه لذلك القسم فلذلك دخل الفعل نون التأكيد إنّ الذين كفروا بالذكر لم يذكر لأنّ خبراً والتقدير أنّ الذين كفروا بالذكر مبتدأ الخبر معذّبون فحذف الخبر ويجوز أن يكون الخبر أولئك ينادون من مكان بعيد. المعنى: ثمّ أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله إذا صرفه الشيطان عن الاحتمال فقال { وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ } أن ما يدعونّك نزغ من الشيطان بالوسوسة { فاستعذ بالله } أي فاطلب الاعتصام من شرّه بالله { إنّه هو السميع العليم } الآية مفسّرة في آخر سورة الأعراف. ثمّ ذكر سبحانه دلالات التوحيد فقال { ومن آياته } أي حججه الدالّة على وحدانيّته وأدلّته على صفاته التي باين بها جميع خلقه { الليل } بذهاب الشمس عن بسيط الأرض { والنهار } بطلوعها على وجهها وتقديرهما على وجه مستقرّ وتدبيرهما على نظام مستمرّ { والشمس والقمر } وما اختصّا به من النور وظهر فيهما من التدبير في المسير والتعريف في فلك التّدوير { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر } وإن كان فيهما منافع كثيرة لأنهما ليسا بخالقين { واسجدوا لله الذي خلقهنّ } وأنشأهنّ وإنما قال خلقهن لوجهين أحدهما: أنّ ضمير غير ما يعقل على لفظ التأنيث تقول هذا كباشك فسُقها وإن شئت قلت فسُقهن والآخر: أنّ الضمير يرجع إلى معنى الآيات لأنّه قال ومن آياته هذه الأشياء واسجدوا لله الذي خلقهنّ { إن كنتم إيّاه تعبدون } إن كنتم تقصدون بعبادتكم الله كما تزعمون الله فاسجدوا لله دون غيره. ثم قال: { فإن استكبروا } عن توجيه العبادة إلى الله وحده { فالذين عند ربّك } وهم الملائكة { يسبّحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } أي لا يملّون ولا يفترون وهو مفسَّر في سورة الأعراف والمروي عن ابن عباس وقتادة وابن المسيّب أن موضع السجود عند قوله { وهم لا يسأمون } وعن ابن مسعود والحسن أنّه عند قوله { إن كنتم إيّاه تعبدون } وهو اختيار أبي عمرو بن العلا وهو المروي عن أئمّتنا ع. { ومن آياته } أي من أدلّته الدالّة على ربوبيّته { أنّك ترى الأرض خاشعة } أي غبراء دارسة متهشّمة عن قتادة والسُدّي أي كان حالها حال الخاضع والمتواضع. وقيل: ميتة يابسة لا نبات فيها قال الأزهري إذا يبست الأرض ولم تمطر. قيل: قد خشعت { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت } أي تحرّكت بالنبات وربت أي انتفخت وارتفعت قبل أن تنبت.

السابقالتالي
2 3