الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } * { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } * { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }

الإعراب: نزلاً نصب على المصدر وتقديره أنزلكم ربّكم فيما تشتهون نزلاً ويجوز أن يكون نصباً على الحال وتقديره ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم منزلاً نزلاً كما يقال جاء زيد مشياً أي ماشياً والقولان جميعاً يرجعان إلى كونه مصدراً وقال أبو علي نزلاً يحتمل ضربين أحدهما: أن يكون جمع نازل كقوله:
إنْ تَرْكَبُوا فَرُكُوبُ الْخَيْلِ عادَتُنا   أوْ تَنْزِلُــون فِإنَّــا مَعْشَـرٌ نُــزُلُ
ويكون حالاً من الضمير في تدّعون أي ما تدّعون نُزُلاً من غفور رحيم نازلين والآخر: أن يراد به القوت الذي يقام للنازل أو الضيف حالاً ممّا تدّعون أي لكم ما تدّعون نزلاً من غفور رحيم صفة نزل وفيه ضمير يعود إليه وقولاً نصب على التفسير وقوله ولا السيئة لا ها هنا زائدة مؤكّدة لتبعيد المساواة. المعنى: ثمّ حكى سبحانه أنّ الملائكة تقول للمؤمنين الذين استقاموا بعد البشارة: { نحن أولياؤكم } أي نحن معاشر الملائكة أنصاركم وأحبّاؤكم { في الحياة الدنيا } نتوّلى إيصال الخيرات إليكم من قبل الله تعالى { وفي الآخرة } فلا نفارقكم حتى ندخلكم الجنة عن مجاهد. وقيل: كنّا نتولّى حفظكم في الدنيا بأنواع المعونة وفي الآخرة نتولاّكم بأنواع الإكرام والمثوبة. وقيل: نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا أي نحرسكم في الدنيا وعند الموت وفي الآخرة عن أبي جعفر ع { ولكم فيها } أي في الآخرة { ما تشتهي أنفسكم } من الملاذّ وتتمنّونه من المنافع { ولكم فيها ما تدّعون } أنّه لكم فإنّ الله سبحانه يحكم لكم بذلك. وقيل: إنّ المراد بقوله { ما تشتهي أنفسكم } البقاء لأنّهم كانوا يشتهون البقاء في الدنيا أي لكم فيها ما كنتم تشتهون من البقاء ولكم فيها ما كنتم تتمنّونه من النعيم عن ابن زيد. { نزلاً من غفور رحيم } معناه أنّ هذا الموعود به مع جلالته في نفسه له جلالة بمعطية إذ هو عطاء لكم ورزق يجري عليكم ممّن يغفر الذنوب ويستر العيوب رحمةً منه لعباده فهو أهنأ لكم وأكمل لسروركم قال الحسن أرادوا أن جميع ذلك من الله وليس منّا وفي هذه الآية بشارة للمؤمنين بمودّة الملائكة لهم وفيها بشارة بنيل مشتهياتهم في الجنة وفيها دلالة على أنّ الملائكة تتردّد إلى من كان مستقيماً على الطاعات وعلى شرف الاستقامة أيضاً تتولّى الملائكة صاحبها من أجلها. { ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً } صورته صورة الاستفهام والمراد به النفي تقديره وليس أحد أحسن قولاً ممّن دعا إلى طاعة الله وأضاف إلى ذلك أن يعمل الأعمال الصالحة { وقال إنّني من المسلمين } أي ويقول مع ذلك إنّني من المستسلمين لأمر الله المنقادين إلى طاعته وقيل: معناه ويقول إنّني من جملة المسلمين كما قال إبراهيموأنا أول المسلمين }

السابقالتالي
2