الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }

القراءة: قرأ ابن عامر أشدّ منكم بالكاف والميم والباقون منهم بالهاء والميم. الحجة: قال أبو علي: من قال منهم فأتى بلفظ الغيبَة فلأنَّ ما قبله أولم يسيروا فينظروا ومنْ قال منكم فلانصرافه من الغيبة إلى الخطاب كقوله { إياك نعبد } بعد قوله { الحمد لله } المعنى: ثم نبَّههم سبحانه على النظر بقوله { أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } من المكذّبين من الأمم لرسلهم { كانوا هم أشدّ منهم قوة } في أنفسهم { وآثاراً في الأرض } أي وأكثر عمارة للأبنية العجيبة. وقيل: وأبعد ذهاباً في الأرض لطلب الدنيا { فأخذهم الله بذنوبهم } أي أهلكهم الله بسبب ذنوبهم { وما كان لهم من الله من واق } أي دافع عنهم عذابه ويمنع من نزوله بهم. { ذلك } العذاب الذي نزل بهم { بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } أي بالمعجزات الباهرات والدلالات الظاهرات { فكفروا } بها { فأخذهم الله } أي أهلكهم عقوبة على كفرهم { إنه قوي } قادر على الانتقام منهم { شديد العقاب } أي شديد عقابه. ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا بها فقال { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } أي بعثناه بحججنا ودلالاتنا { وسلطان مبين } أي حجة ظاهرة نحو قلب العصا حيَّة وفلق البحر { إلى فرعون وهامان وقارون } كان موسى رسولاً إلى كافتهم إلا أنه خصَّ فرعون لأنه كان رئيسهم وكان هامان وزيره وقارون صاحب كنوزه والباقون تبع لهم وإنما عطف وبالسلطان على الآيات لاختلاف اللفظين تأكيداً. وقيل: المراد بالآيات حجج التوحيد والعدل وبالسلطان المعجزات الدالة على نبوته { فقالوا ساحر } أي مموّه { كذّاب } فيما يدعو إليه. { فلما جاءهم بالحق من عندنا } أي فلما أتاهم موصى بالتوحيد والدلالات عليه من عندنا. وقيل: المراد بالدين الحق { قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءَهم } أي أمروا بقتل الذكور من قوم موسى لئلا يكثر قومه ولا يتقوى بهم وباستبقاء نسائهم للخدمة وهذا القتل غير القتل الأول لأنه أمر بالقتل الأول لئلا ينشأ منهم من يزول ملكه على يده ثم ترك ذلك فلما ظهر موسى عاد إلى تلك العادة فمنعهم الله عنه بإرسال الدم والضفادع والطوفان والجراد كما مضى ذكر ذلك ثم أخبر سبحانه أن ما فعله من قتل الرجال واستحياء النساء لم ينفعه بقوله { وما كيد الكافرين إلا في ضلال } أي في ذهاب عن الحق لا ينتفعون به.