الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىۤ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

اللغة: الخطأ خلاف الصواب والفعل منه خطأ وأخطأ في الأمر أي لم يصب الصواب والخطأ والخطاء بالفتح فيهما والخطأ والخطأة بالتسكين فيهما والخاطئة الذنب والفعل منه خطأ يخطأ إذا أذنب والتحرير تفعيل من الحرية وهو إخراج العبد من الرقّ إلى الحرية. الإعراب: أجمع المحقّقون من النحويين على أن قولـه إلا خطأ استثناء منقطع من الأول على معنى ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً البتة إلا أن يخطأ المؤمن ومثله قول الشاعر:
مِنَ الْبِيضِ لَمْ تَظْعَنْ بَعيداً وَلَمْ تَطَأْ   عَلَى الأرْض إلاَّ رِيطَ بُرْدٍ مُرَجَّلِ
والمعنى ولم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ريط البرد إذ ليس ريط البرد من الأرض وقد مرَّ ذكر ما قيل في مثله في سورة البقرة عند قولـه:إلا الذين ظلموا منهم } [البقرة: 150] وقال بعضهم: إن الاستثناء متصل، والمعنى لم يكن لمؤمن أن يقتل مؤمناً متعمداً ومتى قتله متعمداً لم يكن مؤمناً فإنَّ ذلك يخرجه من الإيمان ثم قال: إلا خطأ أي فإن قتله له خطأ لا يخرجه من الإيمان { فتحرير رقبة } مبتدأ محذوف الخبر لدلالة الكلام عليه وموضع أنْ في قولـه { إلا أن يصدقوا } نصب لأن المعنى فعليه ذلك { إلا أن يصدقوا } أي إلا على أن يصدقوا ثم تسقط على ويعمل فيه ما قبله على معنى الحال فهو مصدر وقع موقع الحال وأصل يَصَّدّقوا يتصدقوا فأدغمت التاء في الصاد لقرب مخرجهما وقيل إن في قراءة أبي { إلا أن يتصدقوا } توبة من الله كقولـهم فعلت ذلك حذر الشر عن الزجاج فيكون مفعولاً له. وقيل: إنه بمعنى تاب الله بذلك عليكم توبة فيكون مصدراً مثل كتاب الله عليكم وقد مرَّ ذكره. النزول: نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي أخي أبي جهل لأمه لأنه كان أسلم وقتل بعد إسلامه رجلاً مسلماً وهو لا يعلم إسلامه، والمقتول الحارث بن يزيد بن أنسة العامري عن مجاهد وعكرمة والسدي قال: قتله بالحُرّة بعد الهجرة وكان من أحدّ مَن رده عن الهجرة، وكان يعذّب عياشاً مع أبي جهل وهو المروي عن أبي جعفر. وقيل: " نزلت في رجل قتله أبو الدرداء كان في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة فوجد رجلاً من القوم في غنم له فحمل عليه بالسيف فقال لا إله إلا الله فبدر فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئاً فأتى رسول الله فذكر ذلك له فقال رسول الله: " ألا شققت عن قلبه وقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه " قال: كيف بي يا رسول الله؟ فقال: " فكيف بلا إله إلا الله " قال: أبو الدرداء فتمنيت أن ذلك اليوم مبتدأ إيماني فنزلت الآية عن ابن زيد.

السابقالتالي
2 3