الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً }

اللغة: الحِذْر والحَذَر لغتان مثل الإِذن والأَذَن والمِثْل والمَثَل والنفر الخروج إلى الغزو وأصله الفزع نفر ينفر نفوراً فزع ونفر إليه فزع من أمر إليه، والنفر جماعة تفزع إلى مثلها، والمنافرة المحاكمة للفزع إليها فيما تختلف فيه. وقيل: إنما سميت بذلك لأَنهم يسألون الحاكم عند التنافر أينا أعز نفراً والثبات جماعات في تفرقة واحدتها ثبة قال أبو ذؤيب:
فَلَمَّا اجْتَلاهَا بِالأَيامِ تَحَيَّرَتْ   ثُباتاً عَلَيْها ذُلَّها واكتِئابُها
والإِيامُ: الدخان يصف العاسل وتَدخينه على النحل وقد يجمع الثبة ثبون، وإنما جمع على الواو وإن كان هذا الجمع مختصاً بما يعقل للتعويض عن النقص الذي لحقه لأَن أصله ثبوه ومثله عضون وسنون وعزون فإن صغرت قلت ثبيات وسنيات لأَن النقص قد زال. الإعراب: ثبات منصوبة على الحال من انفردوا وذو الحال الواو وجميعاً أيضاً منصوب على الحال. المعنى: ثم أمر الله سبحانه المؤمنين بمجاهدة الكفار والتأهب لقتالهم فقال { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } قيل فيه قولان أحدهما: أن معناه احذروا عدوكم بأخذ السلاح كما يقال للإِنسان خذ حذرك أي احذر والثاني: أن معناه خذوا أسلحتكم، سمى الأَسلحة حذراً لأَنها الآلة التي بها يتقى الحذر وهو المروي عن أبي جعفر وغيره وأقول: إن هذا القول أصح لأَنه أوفق بمقايس كلام العرب ويكون من باب حذف المضاف وتقديره خذوا آلات حذركم، وأهب حذركم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فصار خذوا حذركم { فانفروا } إلى قتال عدوّكم أي اخرجوا إلى الجهاد { ثبات } أي جماعات في تفرقة، ومعناه: اخرجوا فرقة بعد فرقة فرقة في جهة وفرقة أخرى في جهة أخرى { أو انفروا جميعاً } أي مجتمعين في جهة واحدة إذا أوجب الرأي ذلك وروي عن أبي جعفر ع أن المراد بالثبات السرايا وبالجميع العسكر.