الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً } * { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } * { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً }

اللغة: النقير من النقر وهو النكت ومنه المنقار لأنه ينقر به والناقور الصور لأنه ينقر فيه بالنفخ المصوت، والنقير خشبة ينقر وينبذ فيها، وانتقر: اختص كما تختص بالنقر واحداً واحداً قال طرفة:
نَحْنُ فِي الْمَشْتاةِ نَدْعُو الْجَفْلى   لاَ تَــرَى الآدِب فِيــهَا يَنْتَقِرْ
والحسد: تمني زوال النعمة عن صاحبها لما يلحق من المشقة في نيله لها وهو خلاف الغبطة لأن الغبطة تمني مثل تلك النعمة لأجل السرور بها لصاحبها ولهذا صار الحسد مذموماً، والغبطة غير مذمومة وقيل إن الحسد من إفراط البخل لأن البخل منع النعمة لمشقة بذلها، والحسد تمني زوالها لمشقة نيل صاحبها، فالعمل فيهما على المشقة بنيل النعمة وأصل السعير من السعر وهو إيقاد النار، واستعرت النار أو الحرب أو الشرّ وسعرتها أو أسعرتها والسعر سعر المتاع وسعَّره تسعيراً وذلك لاسْتِعارِ السوق بحماها في البيع والساعور كالتنور. الإعراب: أم هذه هي المنقطعة وليست المعادلة لهمزة الاستفهام التي تسمى المتصلة وتقديره بل أَلَهُمْ نصيب من المُلك. وقال بعضهم: إن همزة الاستفهام محذوفة من الكلام لأنَّ أمْ لا تجيء مبتدأة بها وتقديره أهُمْ أولى بالنبوة أم لهم نصيب من الملك فيلزم الناس طاعتهم وهذا ضعيف لأن حذف الهمزة إنما يجوز في ضرورة الشعر، ولا ضرورة في القرآن وإذن لم يعمل في يؤتون لأنها إذا وقعت بين الفاء والفعل أو بين الواو والفعل جاز أن تقدر متوسطة فتلغى كما يلغى ظننت وأخواتها إذا توسطت أو تأخرت لأن النية به التأخير فالتقدير فلا يؤتون الناس نقيراً إذن لا يلبثون خلافك إلاَّ قليلاً إذن، ويجوز أن تقدر مستأنفة فتعمل مع حرف العطف ولو قرأ فإذاً لا يؤتون الناس لجاز لكن القراءة سنّة متبعة وإذاً لا تعمل في الفعل النصب إلاَّ بشروط أربعة أن تكون جواباً لكلام وأن تكون مبتدأة في اللفظ وأن لا يكون ما بعدها متعلقاً بما قبلها ويكون الفعل بعدها مستقبلاً. المعنى: لمَّا بيَّن حكم اليهود بأن المشركين أهدى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بيَّن الله سبحانه أن الحكم ليس إليهم إذ الملك ليس لهم فقال { أم لهم نصيب من الملك } وهذا استفهام معناه الإنكار أي ليس لهم ذلك. وقيل: المراد بالملك ههنا النبوة عن الجبائي أي ألهم نصيب من النبوة فيلزم النَّاس اتّباعهم وطاعتهم. وقيل: المراد بالملك ما كانت اليهود تدعيه من أن الملك يعود إليهم في آخر الزمان، وأنه يخرج منهم من يجدّد ملتهم ويدعو إلى دينهم فكذَّبهم الله تعالى { فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً } أي لو أعطوا الدنيا، وملكها لما أعطوا الناس من الحقوق قليلاً ولا كثيراً، وفي تفسير ابن عباس لو كان لهم نصيب من الملك لما أعطوا محمداً وأصحابه شيئاً.

السابقالتالي
2