الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً }

اللغة: الجبت لا تصريف له في اللغة العربية وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: هو السحر بلغة أهل الحبشة، وهذا يحمل على موافقة اللغتين أو على أن العرب أدخلوها في لغتهم، فصارت لغة لهم، واللعنة: الإبعاد من رحمة الله عقاباً على معصيته فلذلك لا يجوز لعن البهائم ولا من ليس بعاقل من المجانين والأطفال لأنه سؤال العقوبة لمن يستحقها فمن لعن بهيمة أو حشرة أو نحو ذلك فقد أخطأ لأنه سأل الله تعالى ما لا يجوز في حكمته فإن قصد بذلك الإبعاد على وجه العقوبة جاز. الإعراب: سبيلاً منصوب على التمييز كما تقول: هذا أحسن منك وجهاً أُولئك لفظة جمع واحدة ذا في المعنى كما يُقال نسوة في جمع امرأة، وغلب على أولاء هاء التي للتنبيه وليس ذلك في أُولئك لأن في حرف الخطاب تنبيهاً للمخاطب، وصار الكاف معاقباً للهاء التي للتنبيه في أكثر الاستعمال. النزول: قيل: كان أبو برزة كاهناً في الجاهلية فتنافس إليه ناس ممن أسلم فنزلت الآية عن عكرمة وقيل: وهو قول أكثر المفسرين أن كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد ليحالفوا قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة إنكم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب فلا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل فذلك قولـه: { يؤمنون بالجبت والطاغوت }. ثم قال كعب: يا أهل مكة ليجئ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلصق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدنَّ على قتال محمد ففعلوا ذلك فلما فرغوا، قال أبو سفيان لكعب: إنك أمرو تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أُميّون لا نعلم، فأينا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحقّ نحن أم محمد؟ قال كعب: أعرضوا عليَّ دينكم، فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجيج الكوماء ونسقيهم الماء ونقري الضيف، ونفكّ العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به ونحن أهل الحرم ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم، وديننا القديم، ودين محمد الحديث فقال: أنتم والله أهدى سبيلاً مما عليه محمد صلى الله عليه وسلم فأنزل الله { ألم تر إلى الذين أُوتوا نصيباً من الكتاب }. المعنى: فالمعنيّ بذلك كعب بن الأشرف وجماعة من اليهود الذين كانوا معه بَيَّن الله أفعالهم القبيحة وضمَّها إلى ما عدّده فيما تقدم فقال { يؤمنون بالجبت والطاغوت } يعني بهما الصنمين اللذين كانا لقريش وسجد لهما كعب بن الأشرف { ويقولون للذين كفروا } أبي سفيان وأصحابه { هؤلاء أهدى من الذين آمنوا } محمد وأصحابه { سبيلاً } أي ديناً عن عكرمة وجماعة من المفسرين.

السابقالتالي
2