الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

القراءة: قرأ نافع وابن عامر قيماً بغير ألف والباقون قياماً بالألف. الحجة: قال أبو الحسن في قيام ثلاث لغات قيام وقيم وقوام وهو الذي يقيمك قال لبيد:
أقَتِلْكَ أمْ وَحْشِيةٌ مَسْبُوعَــــةٌ   خَذَلَتْ وَهادِيَةُ الصِّوارِ قِوامُها
قال أبو علي: ليس قول من قال أن القيم جمع قيمة بشيء، إنما القيم بمعنى القيام، وهو مصدر يدل عليه قولـه ديناً قيماً. فالقيمة التي هي معادلة الشيء، ومقاومته لا مذهب له ههنا، إنما المعنى ديناً دائماً ثابتاً لا ينسخ كما نسخت الشرائع التي قبله فيكون مصدر وصف الدين به ولا وجه للجمع ههنا ولا للصفة لقلة مجيء هذا البناء في الصفة ألا ترى أنه إنما جاء في قولـهم قوم عِدًى ومكانٌ سِوًى وفِعَل في المصادر كالشبع والرضى ونحوهما أوسع في الوصف فإذا كان كذلك حمل على الأكثر. المعنى: لَمّا أمر تعالى فيما تَقدّم بدفع مال الأيتام إليهم عَقَّبه بذكر من لا يجوز الدفع إليه منهم وقال { ولا تؤتوا السفهاء } أي لا تعطوا السفهاء { أموالكم } اختلف في المعنى بالسفهاء على أقوال: أحدها: أنهم النساء والصبيان عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن، والضحاك، وأبي مالك، وقتادة. ورواه أبو الجارود عن أبي جعفر ع قال ابن عباس: إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مُفسدة للمال وعلم أن ولده سفيه يفسد المال لم ينبغ له أن يسلطهما على ماله. وثانيها: أن المراد به النساء خاصة عن مجاهد، وابن عمر. وروي عن أنس بن مالك قال: " جاءت امرأة سوداء جرية المنطق ذات ملح إلى رسول الله فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله قل فينا خيراً مرة واحدة، فإنه بلغني أنك تقول فينا كل شر. قال: " أيّ شيء قلتُ لَكُنَّ " قالت: سميتنا السفهاء. قال: " اللَّهَ سَمّاكُنّ في كتابه " قالت: وسميتنا النواقص. فقال: " وكفى نقصاناً أن تدعن من كل شهر خمسة أيام لا تصلين فيها " ثم قال: " أما يكفي أحداكن أنها إذا حملت كان لها كأجر المرابط في سبيل الله، فإذا وضعت كانت كالمتشحط بدمه في سبيل الله، فإذا أرضعت كان لها بكل جرعة كعتق رقبة من ولد إسماعيل، فإذا سهرت كان لها بكل سهرة تسهرها كعتق رقبة من ولد إسماعيل، وذلك للمؤمنات الخاشعات الصابرات اللآتي لا يكفرن العشير " قال: قالت السوداء يا له فضلاً لولا ما يتبعه من الشرط ". وثالثها: أنها عام في كل سفيه من صبي أو مجنون أو محجور عليه للتبذير وقريب منه ما روي عن أبي عبد الله ع أنه قال: إن السفيه شارب الخمر ومن جرى مجراه.

السابقالتالي
2