الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً }

اللغة: افترى: اختلق، وكذب وأصله من خلق الأديم. يقال: فريت الأديم أفريه فرياً إذا قطعته على وجه الإصلاح وأفريته إذا قطعته على وجه الإفساد. الإعراب: إثماً عظيماً منصوب على المصدر لأن افترى بمعنى إثم وهذا كما تقول حمدته شكراً. النزول: " قال الكلبي نزلت في المشركين وحشي وأصحابه، وذلك أنه لما قتل حمزة وكان قد جعل له على قتله أن يعتق فلم يُوفَ له بذلك فلما قدم مكة ندم على صنيعه هو وأصحابه فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد ندمنا على الذي صنعناه، وليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنّا سمعناك تقول وأنت بمكة { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حَرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون } الآيتان وقد دعونا مع الله إلهاً آخر وقتلنا النفس التي حرم الله وزنينا فلولا هذه لاتبعناك فنزلت الآية: { إلا من تاب وءامَنَ وعمل عملاً صالحاً } [الفرقان: 70] الآيتين فبعث بهما رسول الله إلى وحشي وأصحابه، فلما قرأهما كتبوا إليه: إن هذا شرط شديد نخاف أن لا نعمل عملاً صالحاً فلا نكون من أهل هذه الآية فنزلت: { إن الله لا يغفر } الآية فبعث بها إليهم فقرؤوها فبعثوا إليه أنا نخاف أن لا نكون من أهل مشيئة فنزلت: { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً } [الزمر: 53] فبعث بها إليهم فلما قرؤوها دخل هو وأصحابه في الإسلام ورجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منهم، ثم قال لوحشي: " أخبرني كيف قتلت حمزة " فلما أخبره قال: " ويحك غَيّبْ شخصَك عنّي " ، فلحق وحشي بعد ذلك بالشام، وكان بها إلى أن مات. وقال أبو مجلز عن ابن عمر قال نزلت في المؤمنين وذلك أنه لما نزلت:قل يا عبادي الذين أسرفوا } [الزمر: 53] قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجل فقال: والشرك بالله فسكت ثم قام إليه مرّتين أو ثلاثاً فنزلت: { إن الله لا يغفر أن يشرك به } الآية أثبت هذه في الزمر، وهذه في النساء. وروى مطرف بن الشخير عن عمر بن الخطاب قال: كُنّا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الرجل منا على كبيرة شهدنا بأنه من أهل النار حتى نزلت الآية فأمسكنا عن الشهادات. المعنى: ثم إنه تعالى آيس الكفار من رحمته فقال: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } معناه إن الله لا يغفر أن يشرك به أحد ولا يغفر ذنب الشرك لأحد ويغفر ما دونه من الذنوب لمن يريد.

السابقالتالي
2 3