الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم بالبَخَل بفتح الباء والخاء وكذلك في سورة الحديد والباقون بالبخل بالضم. الحجة: قال سيبويه هما لغتان. اللغة: البخل أصله مشقة الإعطاء. وقيل: في معناه أنه منع الواجب لأنه اسم ذم لا يطلق إلاّ على مرتكب الكبيرة. وقيل: هو منع ما لا ينفع منعه، ولا يضرّ بذله ومثله الشحّ وضدّه الجود، والأوَّل أليق بالآية لأنه تعالى نفى محبته عمن كان بهذه الصفة. وقال علي بن عيسى معناه منع الإحسان لمشقة الطباع، ونقيضه الجود ومعناه: بذل الإحسان لانتفاء مشقة الطباع. الإعراب: الذين يحتمل أن يكون موضعه نصباً من وجهين وأن يكون رفعاً من وجهين فأما النصب فعلى أن يكون بدلاً من مَنْ في قولـه لا يحب من كان وعلى الذم أيضاً. وأما الرفع فعلى الاستئناف بالذم على الابتداء، وتكون الآية الثانية عطفاً عليها ويكون الخبر إن الله لا يظلم، وعلى البدل من الضمير في فخور. المعنى: { الذين يبخلون } أي يمنعون ما أوجب الله عليهم من الزكوات وغيرها واختاره الجبائي، وأبو مسلم. وقيل: معناه الذين يبخلون بإظهار ما علموه من صفة النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد { ويأمرون الناس بالبخل } ويأمرون غيرهم بذلك. وقيل: يأمرون الأنصار بترك الإنفاق على رسول الله وعلى أصحابه، عن ابن عباس. وقيل: يأمرون بكتمان الحق { ويكتمون ما آتاهم الله من فضله } أي ويجحدون ما آتاهم الله من اليسار والثروة اعتذاراً لهم في البخل. وقيل: معناه يكتمون ما عندهم من العلم ببعث النبي ومبعثه، والأولى أن تكون الآية عامة في كل من يبخل بأداء ما يجب عليه أداؤه، ويأمرون الناس به، وعامة في كل من كتم فضلاً آتاه الله تعالى من العالم وغيره. من أنواع النعم التي يجب إظهارها، ويحرم كتمانها وقد ورد في الحديث: " إذا أنعم الله تعالى على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه " { وأعتدنا للكافرين عذابا مهيناً } أعددنا للجاحدين ما أنعم الله عليهم عذاباً يهانون فيه، ويذلون، فأضاف الإهانة إلى العذاب إذ كان يحصل به.