الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

اللغة: الربائب جمع ربيبة وهي بنت زوجة الرجل من غيره سميت بذلك لتربيته إيَّاها فهي في معنى مربوبة نحو قتيلة في موضع مقتولة ويجوز أن تسمّى ربيبة سواء تولى تربيتها أو لم يتول وسواء كانت في حجره أو لم تكن لأنه إذا تزوج بأمها فهو رابّها وهي ربيبته والعرب تسمي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه يقولون: هذا مقتول وإن لم يقتل بعد وهذا ذبيح وإن لم يذبح بعد إذا كان يراد ذبحه وقتله. وكذلك يقولون: هذا أضحية لما أُعدّ للتضحية، وهذه قتوبة، وحلوبة أي هي مما تقتب وتحلب وقد يقال لزوج المرأة: ربيب ابن امرأته بمعنى أنه رابّه كما يقال: شهيد وخبير بمعنى شاهد وخابِر. والحلائل جمع الحليلة وهي بمعنى المحللة مشتقة من الحلال، والذكر حليل، وجمعه أَحِلَّة، كعزيز وأعزة سُمّيا بذلك لأن كل واحد منهما يحل له مباشرة صاحبه وقيل هو من الحلول لأن كل واحد منهما يحال صاحبه أي يحل معه في الفراش. المعنى: ثمَّ بَيَّن المحرمات من النساء فقال { حرمت عليكم أمهاتكم } لا بُدَّ فيه من محذوف لأن التحريم لا يتعلق بالأعيان وإنما يتعلق بأفعال المكلف ثم يختلف باختلاف ما أضيف إليه فإذا أضيف إلى مأكول نحو قولـه:حرمت عليكم الميتة والدم } [المائدة: 3] فالمراد الأكل، وإذا أضيف إلى النساء فالمراد العقد، فالتقدير حُرِّم عليكم نكاح أمهاتكم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه لدلالة مفهوم الكلام عليه، وكل امرأة رجع نسبك إليها بالولادة من جهة أبيك أو من جهة أُمّك بإناث رجعت إليها أو بذكور فهي أمك. { وبناتكم } أي ونكاح بناتكم وكل امرأة رجع نسبها إليك بالولادة بدرجة أو درجات بإناث رجع نسبها إليك أو بذكور فهي بنتك { وأخواتكم } هي جمع الأخت وكل أنثى ولدها شخص ولدك في الدرجة الأولى فهي أختك { وعماتكم } هي جمع العمة وكل ذكر رجع نسبك إليه فأخته عمتك وقد تكون العمة من جهة الأم مثل أخت أبي أمك وأخت جد أمك فصاعداً { وخالاتكم } وهي جمع الخالة وكل أنثى رجع نسبك إليها بالولادة فأختها خالتك وقد تكون الخالة من جهة الأب مثل أخت أم أبيك أو أخت جدة أبيك فصاعداً، وإذا خاطب تعالى المكلفين بلفظ الجمع كقولـه: { حرمت عليكم } ثم أضاف المحرمات بعده إليهم للفظ الجمع فالآحاد تقع بإزاء الآحاد فكأنه قال: حرّم على كل واحد منكم نكاح أمه، ومَن يقع عليها اسم الأم ونكاج بنته ومن يقع عليها اسم البنت وكذلك الجميع. { وبنات الأخ وبنات الأخت } فهذا أيضاً على ما ذكرناه جمع بإزاء جمع فيقع الآحاد بإزاء الآحاد والتحديد في هؤلاء كالتجديد في بنات الصلب وهؤلاء السبع هُنَّ المحرمات بالنسب وقد صحَّ عن ابن عباس أنه قال: حَرّم الله من النساء سبعاً بالسبب وتلا الآية ثم قال: والسابعة { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } ثم ذكر سبحانه المحرمات بالسبب فقال { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } سمَّاهن أمهات للحرمة وكل أنثى انتسبت إليها باللبن فهي أمك فالتي أرضعتك، أو أرضعت امرأة أرضعتك، أو رجلاً أرضعت بلبنه من زوجته، أو أم ولد له فهي أمك من الرضاعة، وكذلك كل امرأة ولدت امرأة أرضعتك أو رجلاً أرضعك فهي أمك من الرضاعة { وأخواتكم من الرضاعة } يعني بنات المرضعة وهن ثلاث الصغيرة الأجنبية التي أرضعتها أمك بلبان أبيك سواء أرضعتها معك أو مع ولدها قبلك أو بعدك والثانية أختك لأمك دون أبيك وهي التي أرضعتها أمك بلبان غير أبيك والثالثة أختك لأبيك دون أمك وهي التي أرضعتها زوجة أبيك بلبن أبيك وأم الرضاعة وأخت الرضاعة لولا الرضاعة لم تحرما فإن الرضاعة سبب تحريمهما وكل من تحرم بالنسب من اللاتي مضى ذكرهنّ تحرم أمثالهنّ بالرضاع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4