الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }

اللغة: النكاح: اسم يقع على العقد ومنهوانكحوا الأيامى منكم } [النور: 32] ويقع على الوطء ومنهالزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } [النور: 3] أي لا يطأ بالحرام إلا من يطاوعه ومنه: ملعون من نكح بهيمة قال الشاعر:
كَبِكْرٍ تَشَهّى لَذِيذَ النِكاحِ   وَتَفْزَعُ مِنْ صَوْلَةِ النّاكِحِ
وأصله الجمع ومنه: أَنْكَحْنَا الفَرا فَسَنَرَى، والمقت بغض من أمر قبيح يرتكبه صاحبه. يقال: مقت الرجل إلى الناس مقاتة ومقته الناس يمقته مقتاً فهو مقيت وممقوت. ويقال: إن ولد الرجل من امرأة أبيه كان يسمى المَقْتيّ ومنهم أشعث بن قيس وأبو معيط جدّ الوليد بن عقبة. الإعراب: إلا ما قد سلف استثناء منقطع لأنه لا يجوز استثناء الماضي من المستقبل ونظيره لا تبع من مالي إلا ما بعت ولا تأكل إلا ما أكلت ومنهلا يذوقون فيها الموت إلاَّ الموتة الأولى } [الدخان: 56] المعنى لكن ما قد سلف فلا جناح عليكم فيه. وقال المبرَّد: جاز أن يكون كان زائدة في قولـه: { إنه كان فاحشة } فالمعنى أنه فاحشة وأنشد في ذلك قول الشاعر:
فَكَيْفَ إِذا حَلَلْتُ بِدار قَوْمٍ   وَجِيرانٍ لَنا كانُوا كِرَامِ
قال الزجاج: هذا غلط منه لأنه لو كان زائدة لم يكن ينصب خبرها والدليل عليه البيت الذي أنشده:
وجيران لنا كانوا كرام   
ولم يقل كراماً. قال علي بن عيسى: إنما دخلت كان ليدل على أن ذلك قبل تلك الحال فاحشة أيضاً كما دخلت في قولـه: { وكان الله غفوراً رحيماً } وقولـه: { وساء سبيلاً } أي بئس طريقاً ذلك الطريق فسبيلاً منصوب على التمييز وفاعل ساء مضمر يفسّره الظاهر والمخصوص بالذم محذوف. النزول: قيل نزلت فيما كان يفعله أهل الجاهلية من نكاح امرأة الأب عن ابن عباس وقتادة وعكرمة وعطاء. وقالوا: تزوّج صفوان بن أمية امرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب وتزوّج حصين بن أبي قيس امرأة أبيه كبيشة بنت معن وتزوَّج منظور بن ريان بن المطلب امرأة أبيه مليكة بنت خارجة قال أشعث بن سوار: توفي أبو قيس وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت: إني أعدك ولداً وأنت من صالحي قومك ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره، فأتته فأخبرته، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إرجعي إلى بيتك " فأنزل الله هذه الآية. المعنى: لَمَّا تقدم ذكر شرائط النكاح عَقَّبه تعالى بذكر من تحل له من النساء ومن لا تحل فقال { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } أي لا تتزوجوا ما تزوج آباؤكم. وقيل: ما وطأ آباؤكم من النساء حرّم عليكم ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من نكاح امرأة الأب. عن ابن عباس، وقتادة وعطاء وعكرمة.

السابقالتالي
2