الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

اللغة: الاستفتاء والاستقضاء بمعنى واحد يقال فأتيته وقاضيته قال الشاعر:
تَعالَوْا نُفاتيكُمْ أَأَعْيا وَفَقْــعَسٌ   إلى المَجْدِ أَدْنى أَمْ عَشيرَة حاتِمِ
هكذا أنشده الحسن بن علي المغربي وهو استفعال من الفُتيا وهو الفتوى وأفتى في المسألة بَيَّن حكمها. الإعراب: وما يتلى عليكم موضعه رفع بالابتداء تقديره الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب أيضاً يفتيكم فيهن. وقال الفراء: يجوز أن يكون موضعه جرّاً عطفاً على المضمر المجرور في { فيهنَّ } وهذا بعيد لأن الظاهر لا يحسن عطفه على الضمير المجرور. وقيل يجوز أن يكون عطفاً على النساء في قولـه: { ويستفتونك في النساء } أي: { ويستفتونك } فيما يتلى عليكم وفي المستضعفين قال الواحدي قولـه في يتامى النساء. قيل: إن تقديره في النساء اليتامى فأضيفت الصفة إلى الموصوف نحو قولك كتاب الكامل ومسجد الجامع ويوم الجمعة وهذا قول الكوفيين وعند المحققين لا يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف بل النساء هنا أمهات اليتامى أضيفت إليهن أولادهن. وأقول: يجوز أيضاً أن يضاف اليتامى إلى النساء إذا كُنَّ من جملتهن فيكون الإضافة بمعنى مِنْ كما يقال خيار النساء وشرار النساء وصغار النساء وهذا أشبه بما ينساق إليه معنى الآية والمستضعفين جرّ عطفاً على يتامى النساء { وأن تقوموا لليتامى بالقسط } في موضع جرّ أيضاً والتقدير وما يتلى عليكم من الآيات في يتامى النساء وفي المستضعفين، وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط يفتيكم الله فيهنَّ. المعنى: ثم عاد كلام الله تعالى إلى ذكر النساء والأيتام، وقد جرى ذكرهم في أول السورة فقال { ويستفتونك } أي يسألونك الفتوى وهو تبيين المشكل من الأحكام { في النساء } ويستخبرونك يا محمد عن الحكم فيهن وعمَّا يجب لهنَّ وعليهنَّ، وإنما حذف ذلك لإحاطة العلم بأن السؤال في أمر الدين إنما يقع عما يجوز وعما لا يجوز وعما يجب وعما لا يجب { قل الله يفتيكم فيهنَّ } معناه قل يا محمد الله يبيِّن لكم ما سألتم في شأنهن { وما يتلى عليكم في الكتاب } أي ويفتيكم أيضاً ما يقرأ عليكم في الكتاب أي القرآن وتقديره وكتابه { يفتيكم } أي يبيّن لكم الفرائض المذكورة { في يتامى النساء } أي الصغار { اللاتي } لم يبلغن وقولـه اللاتي { لا تؤتونهن } أي لا تعطونهن { ما كتب لهنَّ } واختلف في تأويله على أقوال أولُّها: أن المعنى وما يتلى عليكم في توريث صغار النساء وهو آيات الفرائض التي في أول السورة وكان أهل الجاهلية لا يورّثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون، المرأة وكانوا يقولون: لا نورّث إلا من قاتل ودفع عن الحريم فأنزل الله آية المواريث في أول السورة وهو معنى قولـه: { لا تؤتونهن ما كتب لهن } أي من الميراث عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وهو المروي عن أبي جعفر ع، وثانيها: أن المعنى اللاتي لا تؤتونهنّ ما وجب لهن من الصداق وكانوا لا يؤتون اليتامى اللاتي يكون لَهنّ من الصداق فنهى الله عن ذلك بقوله: { فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا } من غيرهن

السابقالتالي
2