الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }

القراءة: { يُدخلون الجنة } بضم الياء هناك وفي مريم وحم مكي بصري وأبو جعفر وأبو بكر والباقون يَدخلون بفتح الياء وضم الخاء. الحجة: حجة من قرأ { يَدْخلون } قولـه:ادخلوا الجنة } [الأعراف: 49] و [غافر: 76]ادخلوها بسلام آمنين } [الحجر: 46] ومن قرأ يدخلون فلأنهم لا يُدْخَلون فلأَنهم لا يَدْخُلونها حتى يُدْخَلوها. اللغة: الأَماني جمع أمنية وهي تقدير الأَمن في النفس على جهة الاستمتاع به ووزن أمنية أفعولة من المنية وأصله التقدير يقال: مَنَى له الماني أي قَدَّر له المقدّر ومنه سميت المنية وهي فعيلة أي مقدرة والنقير النكتة في ظهر النواة كأن ذلك نقر فيه. الإعراب: اسم ليس مضمر لدلالة الكلام عليه والتقدير ليس الأَمر بأمانيكم أي ليس الثواب بأمانيكم، ولا يجد مجزوم عطفاً على الجزاء لا على الشرط وهو قولـه: { يجز } والوقف عند قولـه: { أهل الكتاب } وقف تام ثم استؤنف الخبر بعدها { بمَن يعمل } ومَن موضعه رفع بالابتداء على ما تقدم ذكر أمثاله ومِن في قولـه: { من الصالحات } مزيدة وقيل هو للتبعيض لأَن العبد لا يطيق جميعها. وقيل: إنه لتبيين الجنس. وقال: وهو مؤمن فوحّد ثم قال: { فأولئك يدخلون الجنة } فجمع لأَن مَنْ اسم مبهم موحّد اللفظ مجموع المعنى فيعود الضمير إليه مرة على اللفظ ومرة على المعنى. النزول: قيل: تفاخر المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب: نبيّنا قبل نبيّكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم فقال المسلمون: نبيّنا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب وديننا الإِسلام فنزلت الآية، فقال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء فأنزل الله الآية التي بعدها { ومن يعمل مِن الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن } ففلح المسلمون عن قتادة والضحاك وقيل: لما قالت اليهود نحن أبناء الله وأحبّاؤه، وقال أهل الكتاب: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى نزلت الآية عن مجاهد. المعنى: لما ذكر سبحانه الوعد والوعيد قال عقيب ذلك: { ليس بأمانيكم } معناه ليس الثواب والعقاب بأمانيكم أيها المسلمون عن مسروق والسدي. وقيل: الخطاب لأَهل الشرك من قريش لأَنهم قالوا: لا نبعث ولا نعذب عن مجاهد وابن زيد { ولا أماني أهل الكتاب } أي ولا بأماني أهل الكتاب في أنه لا يدخل الجنة إِلا من كان هوداً أو نصارى وهذا يقوّي القول الأَخير على أنه لم يجر للمسلمين ذكر في الأَماني، وذكر أماني الكفار قد جرى في قولـه: { ولأَمنينهم } هذا وقد وعد الله المؤمنين فيما بعد بما هو غاية الأَماني. { من يعمل سوءاً يجز به } اختلف في تأويله على أقوال أحدها: أنه يريد بذلك جميع المعاصي صغائرها وكبائرها وأن من ارتكب منها فإن الله سبحانه يجازيه عليها إمّا في الدنيا وإما في الآخرة عن عائشة وقتادة ومجاهد.

السابقالتالي
2