الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } * { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } * { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً }

القراءة: القراءة المشهورة إلاّ إناثاً وروي في الشواذ عن النبي إلا اثنا بالثاء قبل النون وإلا انثا بالنون قبل الثاء روتهما عائشة وروي عن ابن عباس إلاّ وثنا وإلاّ أُثُنا بضمتين والثاء قبل النون وعن عطاء بن أبي رباح إلاّ أُثْنا قبل النون وهي ساكنة. الحجة: أمّا أُثُن فجمع وَثَن وأصله وثن قلبت الواو همزة نحو أُجُوه في وجوه وأُعُد في وُعُد فأما أُثْن بسكون الثاء فهو كأُسْد بسكون السين وأَمّا أنثا بتقديم النون على الثاء فيمكن أن يكون جمع أنيث كقولـهم سيف أنيث الحديد ويمكن أن يكون جمع إناث. اللغة: المَريد والمارد والمتمرد بمعنى وهو العاتي والخارج عن الطاعة والمتملس منها، يقال: حائط ممرد أي مملس وشجرة مرداء تناثر ورقها ومنه سمّي من لم تنبت له اللحية أمرد أي أملس موضع اللحية، ومَرَد الرجل يمْرُد مروداً إذا عتا وخرج عن الطاعة وأصل اللعن البعد ومنه قيل للطريد اللعين، وأصل الفرض القطع والفُرْضة الثلمة تكون في النهر والفُرْض الحَزّ الذي يكون في السواك وغيره يشدّ فيه الخيط والفَرْض في القوس الحَزّ الذي يكون فيه الوتر والفريضة ما أمر الله به العباد فجعله حتماً عليهم قاطعاً وأما قول الشاعر:
إذا أَكَلْتَ سَمَكــاً وَفَرْضــــا   ذَهَبْتَ طُولاً وذهَبْتَ عَرْضا
فالفرض هنا التمر وإنما سمي التمر فرضاً لأنه يؤخذ في فرائض الصدقة، التبتيك التشقيق والبتك القطع بتَّكتُه ابتكّه تبتيكا والبتكة مثل القطعة البِتَك القِطَع قال زهير:
حَتّى إذَا ما هَوَتْ كَفُّ الغُلامِ لَهُ   طارَتْ وَفي كَفّهِ مِنْ رِيشِها بِتَكُ
والمحيص المَعْدل يقال حِصتُ عنه أحيص حَيْصاً وجِضتُ أجيضُ جيضاً بمعنى قال:
وَلَمْ نَدْرِ إِن جِضْنا عَنِ الْمَوْتِ جَيْضَةً   كَمِ الْعُمْرُ باقٍ وَالْمَــدى مُتَطاوِلُ
روي باللغتين. الإعراب: إنْ على أربعة أوجه أحدها: إن النافية كما في الآية إن يدعون أي ما يدعون والثاني: إن المخففة من الثقيلة كما في قولـه:وإن كانت لكبيرة } [البقرة: 143] ويلزمهم لام التأكيد والثالث: إن الجازمة كما في قولـهوإنْ تَدْعُهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبداً } [الكهف: 57] والرابع: إن المزيدة نحو: ما إن جاءني زيد:
وما إن طِبُّنا جُبْنٌ وَلَكِنْ   مَنايانا وَدَوْلَةُ آخَرينا
لعنه الله جملة في موضع النصب بأنَّها صفة لقولـه: { شيطاناً } واللام في { لأَتخذن } وما بعده لام اليمين وإنما يدخل على جواب القسم لأَنه المقسم عليه فعلى هذا يكون القسم هنا مضمراً في الجميع. المعنى: لمّا ذكر في الآية المتقدمة أهل الشرك وضلالهم ذكر في هذه الآية حالهم وفعالهم فقال: { إن يدعون } أي ما يدعون هؤلاء المشركون وما يعبدون { من دونه } أي من دون الله { إلا إناثاً } فيه أقوال أحدها: إلا أوثاناً وكانوا يسمّون الأَوثان باسم الإِناث اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى وإساف ونائلة عن أبي مالك والسدي ومجاهد وابن زيد وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال: كان في كل واحدة منهن شيطانة أنثى تتراءى للسَدَنة وتكلّمهم وذلك من صنع إبليس وهو الشيطان الذي ذكره الله.

السابقالتالي
2 3