الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }

القراءة: روي في الشواذ قراءة الحسن يورث بكسر الراء كلالة وقراءة عيسى بن عمر الثقفي يورَّث وقرأ الحسن أيضاً غير مضارِّ وصيةً مضاف. الحجة: كلاهما منقول من ورث فهذا من أورث وذلك من ورَّث وفي كلتي القراءتين المفعولان محذوفان فكأنه قال يورث وارثه ماله وقد جاء حذف المفعولين جميعاً قال الكميت:
بِأَيِّ كِتابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّـــةٍ   تَرى حُبَّهُم عاراً عَليَّ وَتَحْسَبُ
فلم يعدّ تحسب وأما قولـه: { غير مضار وصية } فيعني به غير مضار من جهة الوصية أو عند الوصية كقول طرفة:
بضّة المتجردِ   
أي بضة عند تجردها وهذا كما يقال شجاع حرب وكريم مسألة أي شجاع عند الحرب وكريم عند المسألة. اللغة: أصل الكلالة الإِحاطة ومنه الإكليل لإِحاطته بالرأس ومنه الكل لإِحاطته بالعدد فالكلالة تحيط بأصل النسب الذي هو الولد والوالد وقال أبو مسلم: أصلها من كلَّ أي أعيى فكأن الكلالة تناول الميراث من بعد على كلال وإعياء. وقال الحسين بن علي المغربي: أصله عندي ما تركه الإنسان وراء ظهره مأخوذاً من الأكل وهو الظهر تقول العرب ولأَني فلان إكِلَّهُ على وزن إطِلَّهُ أي ولأَني ظهره والعرب تخبر بهذا الاسم عن جملة النسب والوراثة قال عامر بن الطفيل:
وَإِنّي وَإنْ كُنْتُ ابْنَ فارِسِ عامِرٍ   وَفِي الْسِرِّ مِنْها وَالصَّرِيحِ الْمُهَذَّبِ
فَما سَوَّدَتْنِي عامِرٌ عَنْ كَلالَـــــةٍ   أَبَـــى الله أَنْ أَسْمُـــو بِــــأُمِّ وَلا أَبِ
ويروى عن وراثة وقال زيادة بن زيد العذري:
وَلَمْ أرِثِ الْمَجْدَ الْتَليدَ كَلالَــةً   وَلَمْ يَأنِ مِنّي فَتْرَةٌ لِعقَيبِ
ويقال رجل كلالة وقوم كلالة وامرأة كلالة لا تثنى ولا تجمع لأَنه مصدر. الإِعراب: ينتصب كلالة على أنه مصدر وضع موضع الحال ويكون كان التامة ويورث صفة رجل وتقديره إن وجد رجل موروث متكلل النسب والعامل في الحال يورث وذو الحال الضمير في يورث ويجوز أن ينتصب كلالة على أنه خبر كان على أن يكون كان ناقصة. قال الزجاج: من قرأ يورث بكسر الراء فكلالة مفعول. ومن قرأ يورَث فكلالة منصوب على الحال غير مضار منصوب على الحال أيضاً وصية ينصب على المصدر أي يوصيكم الله بذلك وصية. المعنى: ثم خاطب الله الأَزواج فقال { ولكم } أيها الأَزواج { نصف ما ترك أزواجكم } أي زوجاتكم { إن لم يكن لهن ولد } لا ذكر ولا أنثى ولا ولد ولد { فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن } أي من ميراثهن { من بعد وصية يوصين بها أو دين } قد مرَّ تفسيره { ولهن } أي ولزوجاتكم { الربع مما تركتم } من الميراث { إن لم يكن لكم ولد } واحدة كانت الزوجة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً لم يكن لهن أكثر من ذلك { فإن كان لكم ولد } ذكر أو أنثى أو ولد ولد { فلهن الثمن مما تركتم } من الميراث واحدة كانت الزوجة أو أكثر من ذلك { من بعد وصية توصون بها } أيها الأَزواج { أو دين } وقد مرَّ في ما مضى بيان ميراث الأَزواج ثم ذكر ميراث ولد الأُم فقال { وإن كان رجل يورث كلالة } اختلف في معنى الكلالة فقال جماعة من الصحابة والتابعين منهم أبو بكر وعمر وابن عباس في إحدى الروايتين عنه، وقتادة، والزهري، وابن زيد هو من عدا الوالد والولد.

السابقالتالي
2 3