الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } * { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

القراءة: قرأ أبو عمرو في رواية أوقية وأبي شعيب السوسي وأبي عمرو الدوري عن اليزيدي عنه وحمزة وفي رواية العجلي يرضه لكم ساكنة الهاء وقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائي وخلف ونافع برواية إسماعيل وأبو بكر برواية البرجمي يرضه مضمومة الهاء مشبعة وقرأ الباقون بضم الهاء مختلسة غير مشبعة وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة { أمن هو قانت } خفيفة الميم والباقون بتشديد الميم. الحجة: قال أبو علي حجة من قرأ يرضهو فألحق الواو أن ما قبل الهاء متحرك فيكون بمنزلة ضربهو وهذا لهو ومن قال يرضهُ فحرَّك الهاء ولم يلحق الواو أن الألف المحذوفة للجزم ليس يلزم حذفها لأن الكلمة إذا نصبت أو رفعت عادت الألف فصار الألف في حكم الثابت فإذا ثبت الألف فالأحسن أن لا يلحق الواو نحو قولهفألقى موسى عصاه } [الشعراء: 45] وذلك أن الهاء خفيفة فلو لحقتها الواو وقبلها الألف لأشبه الجمع بين الساكنين وأما من أسكن فقال يرضَهْ لكم فإن أبا الحسن يزعم أن ذلك لغة وعلى هذا قوله:
وَنَضْوايَ مُشْتاقانِ لَهْ أرِقانِ   
ومن قرأ أم من هو قانت ففيه وجهان: أحدهما: أن المعنى الجاحد الكافر خير أم من هو قانت ويدل على المحذوف قوله { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [الزمر: 9] ودلَّ عليه أيضاً قوله { قل تمتع بكفرك قليلاً } [الزمر: 8] وقد تقدَّم ذكره. والآخر: أن المعنى قل { أمَّن هو قانت } كغيره أي أمن هو مطيع كمن هو عاص ويكون على هذا الخبر محذوفاً لدلالة الكلام عليه كقوله تعالىأفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } [الرعد: 33]أفمن يتَّقي بوجهه سوء العذاب } [الزمر: 24] وأما من خفف فقال أمن هو قانت فالمعنى أيضاً أم من هو قانت كمن هو بخلاف هذا الوصف فلا وجه للنداء هنا لأن هذا موضع معادلة وإنما يقع فيه الحمل الذي يكون فيه إخبار وليس النداء كذلك. وقال أبو الحسن: القراءة بالتخفيف ضعيفة لأن الاستفهام إنما يبتدىء ما بعده ولا يحمل على ما قبله وهذا الكلام ليس قبله شيء يحمل عليه إلا في المعنى. اللغة: التخويل العطية العظيمة على وجه الهبة وهي المنحة خوَّله الله مالاً ومنه الحديث: " كان يتخولهم بالموعظة مخافة السأمة عليهم أي يتعبَّدهم " والحديث الآخر: " إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتّخذوا مال الله دُوَلا ودين الله دَخَلا وعباد الله خَوَلا أي يظنّون عباد الله عبيدهم أعطاهم الله ذلك " قال أبو النجم:
أَعْطى فَلَمْ يَبْخَلْ وَلَمْ يُبَخَّلِ   كُومَ الذُّرى مِنْ خَوَلِ الْمُخَوّلِ
والقانت الداعي والقانت المصلي قال:
قانِتاً لله يَتْلُو كُتُبَهْ   وَعَلى عَمْدٍ مِنِ النَّاسِ اعْتَزَلْ
آناء الليل واحدها أَنْي وأَنى.

السابقالتالي
2 3 4