الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة فتحت وفتحت بالتخفيف فيهما والباقون بالتشديد. الحجة: حجة التشديد قوله { مفتَّحة لهم الأبواب } وإن التشديد يختص بالكثرة ووجه التخفيف أن التخفيف يصلح للقليل والكثير. اللغة: السوق الحثّ على السير ومنه قولهم الكلام يجري على سياقة واحدة ومنه السوق لأن المعاملة تساق فيها بالبيع والشراء والزمر جمع زمرة وهي الجماعة لها صوت كصوت المزمار ومنه مزامير داود وهي أصوات كانت له مستحسنة قال:
لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتُ حادٍ   إذا طَلَـبَ الْوَسِيقَةَ أَوْ زَمِيرُ
وقال أبو عبيدة: هم جماعات في تفرقة بعضهم في أثر بعض وحفَّ القوم بفلان إذا أطافوا به وأحدقوا به والحفافان الجانبان قال المبرد: الواو في قوله { حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها } زائدة وكان ينكر قول من يقول هي واو الثمانية وأنشد لأمرىء القيس:
فَلَمّا أَجَزْنا ساحَة الْحَيَّ وانْتَحى   بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
قال: والمعنى فلما أجزنا ساحة الحي انتحى بنا. قال علي بن عيسى: إنما جيء بهذه الواو تارة وحذفت أخرى للتصرف في الكلام وجواب إذا في صفة أهل الجنة محذوف وتقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وكانوا كيت وكيت فازوا ونالوا المنى وما أشبه ذلك وهذا معنى قول الخليل لأنه قال في بيت أمرىء القيس الجواب محذوف والتقدير فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا خلونا ونعمنا ومثله قول بعض الهذليين:
حَتّــى إذا سَلَكُوهُــمْ فِي قتائِدَهِ   شَلاًّ كَما تُطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدا
فحذف جواب إذا لأن هذا البيت آخر القصيدة وتحقيقه أن التقدير حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها فالواو واو حال وجواب إذا مضمر كما أضمر في قولهحتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت } [التوبة: 118] إلى قولهثم تاب عليهم } [التوبة: 118] والتقدير قاربوا الهلاك ثم تاب عليهم. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن قسمة أحوال الخلائق في المحشر بعد فصل القضاء فقال { وسيق الذين كفروا } أي يساقون سوقاً في عنف { إلى جهنم زمراً } أي فوجاً بعد فوج وزمرة بعد زمرة { حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها } أي حتى إذا انتهوا إلى جهنم فتحت أبواب جهنم عند مجيئهم إليها وهي سبعة أبواب { وقال لهم خزنتها } الموكلون بها على وجه التهجين لفعلهم والإنكار عليهم { ألم يأتكم رسل منكم } أي من أمثالكم من البشر { يتلون عليكم } يقرؤون عليكم حجج ربكم وما يدلّكم على معرفته ووجوب عبادته { وينذرونكم لقاء يومكم هذا } أي ويخوّفونكم من مشاهدة هذا اليوم وعذابه { قالوا } أي قال الكفار لهم { بلى } قد جاءتنا رسل ربنا وخوَّفونا بآيات الله { ولكن حقَّت كلمة العذاب على الكافرين } أي وجب العقاب على من كفر بالله تعالى لأنه أخبر بذلك وعلم من يكفر ويوافي بكفره فقطع على عقابه فلم يكن شيء يقع منه خلاف ما علمه وأخبر به فصار كوننا في جهنم موافقاً لما أخبر به تعالى ولما علمه.

السابقالتالي
2 3