الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُـمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم وأبو جعفر بكاف عباده على الجمع والباقون عبده على التوحيد وقرأ أهل البصرة كاشفات وممسكات بالتنوين وما بعدهما منصوبان وقرأ الباقون بغير تنوين على إضافة كل واحدة منهما إلى ما بعدها. الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ عبده ويخوّفونك فكأن المعنى ليس الله بكافيك وهم يخوّفونك ومن قرأ عباده فالمعنى أليس الله بكاف عباده الأنبياء كما كفى إبراهيم النار ونوحاً الغرق ويونس ما وقع إليه فهو سبحانه كافيك كما كفى الأنبياء قبلك ومن قرأ كاشفات ضرّه وممسكات رحمته فالوجه فيه أنه مما لم يقع وما لم يقع من أسماء الفاعلين أو كان للحال فالوجه فيه النصب ووجه الجر أنه لما حذف التنوين وإن كان المعنى على إثباته عاقبت الإضافة التنوين. المعنى: لمّا وعد الله سبحانه الصادق والمصدق عقَّبه بأنه يكفيهم وإن كانت الأعداء تقصدهم وتؤذيهم فقال { أليس الله بكاف عبده } استفهام يراد به التقرير يعني به محمداً صلى الله عليه وسلم يكفيه عداوة من يعاديه ويناوئه { ويخوفونك } يا محمد { بالذين من دونه } كانت الكفار تخوّفه بالأوثان التي كانوا يعبدونها عن قتادة والسدي وابن زيد لأنهم قالوا له: إنا نخاف أن تهلكك آلهتنا. وقيل: إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: إياك يا خالد فبأسها شديد فضرب خالد أنفها بالفأس وهشمها وقال: كفرانك يا عزى لا سبحانك سبحان من أهانك إني رأيت الله قد أهانك. { ومن يضلل الله فما له من هاد } أي من أضلَّه الله عن طريق الجنة بكفره ومعاصيه فليس له هاد يهديه إليها. وقيل: معناه أن من وصفه بأنه ضال إذ ضل هو عن الحق فليس له من يسميه هادياً. وقيل: من يحرمه الله من زيادات الهدى فليس له زائد { ومن يهدي الله فما له من مضل } أي من يهده الله إلى طريق الجنة فلا أحد يضله عنها. وقيل: من يهده الله فاهتدى فلا يقدر أحد على صرفه عنه. وقيل: من بلغ استحقاق زيادات الهدى فقد ارتفع عن تأثير الوسواس { أليس الله بعزيز } أي قادر قاهر لا يقدر أحد على مغالبته { ذي انتقام } من أعدائه الجاحدين لنعمه. ثم قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم { ولئن سألتهم } يا محمد { من خلق السماوات والأرض } وأوجدها وأنشأها بعد أن كانت معدومة { ليقولن الله } الفاعل لذلك لأنهم مع عبادتهم الأوثان يقرّون بذلك ثم احتَّج عليهم بأن ما يعبدونه من دون الله لا يملك كشف الضر والسوء عنهم فقال { قل } لهم { أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر } أي بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة { هل هن كاشفات ضره } أي هل يكشفن ضرّه { أو أرادني برحمة } أي بخير أو صحة { هل هن ممسكات رحمته } أي هل يمسكن ويحبسن عني رحمته والمعنى أن من عجز عن النفع والضر وكشف السوء والشر عمَّن يتقرَّب إليه كيف يحسن منه عبادته وإنما يحسن العبادة لمن قدر على جميع ذلك ولا يلحقه العجز والمنع وهو الله تعالى.

السابقالتالي
2