الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } * { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }

اللغة: الينابيع جمع ينبوع وهو الموضع الذي ينبع منه الماء. يقال: نبع الماء من موضع كذا إذا فار منه والزرع ما ينبت على غير ساق والشجر ما له ساق وأغصان والنبات يعمُّ الجميع وهاج النبت يهيج هيجاً إذا جفَّ وبلغ نهايته في اليبوسة والحطام فتات التبن والحشيش والحطم الكسر للشيء اليابس ومنه سميت جهنم حطمة لأنها تكسر كل شيء ومنه الحطيم بمكة. قال النضر: لأن البيت رفع وترك ذلك محطوماً وهو حجر الكعبة مما يلي الميزاب. الإِعراب: { أفمن شرح الله صدره } مَنْ مع صلته مبتدأ والخبر محذوف تقديره أفمن شرح الله صدره كمن قسا قلبه من ذكر الله أي من ترك ذكر الله لأن القلب إنما يقسو من ترك ذكر الله ويجوز أن يكون تشمئز عند ذكر الله. فيقال: قست من ذكر الله أي من ذكر الناس الله. { كتاباً } منصوب لأنه بدل من قوله أحسن الحديث. المعنى: لمّا قدَّم سبحانه ذكر الدعاء إلى التوحيد عقَّبه بذكر دلائل التوحيد فقال يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم وإن كان المراد جميع المكلفين { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء } أي مطراً { فسلكه } أي فأدخل ذلك الماء { ينابيع في الأرض } مثل العيون والأنهار والقني والآبار ونظيره قولهوأنزلنا من السماء ماء بقدر فاسكنّاه في الأرض } [المؤمنون: 18] { ثم يخرج به } أي بذلك الماء من الأرض { زرعاً مختلفاً ألوانه } أي صنوفه من البرّ والشعير والأرز وغير ذلك يقال: هذا لون من الطعام أي صنف. وقيل: مختلف الألوان من أخضر وأصفر وأبيض وأحمر { ثم يهيج } أي يجف وييبس { فتراه مصفراً } بعد خضرته { ثم يجعله حطاماً } أي رفاتاً منكسراً متفتّتاً { إن في ذلك لذكرى لأولى الألباب } معناه إن في إخراج هذه الزروع ألواناً مختلفة بماء واحد ونقلها من حال إلى حال لتذكيراً لذوي العقول السليمة إذا تفكَّروا في ذلك عرفوا الصانع المحدث وعلموا صحة الابتداء والبعث والإِعادة. { أفمن شرح الله صدره للإِسلام } أي فسح صدره ووسَّع قلبه لقبول الإِسلام والثباث عليه وشرح الصدر يكون بثلاثة أشياء: أحدها: بقوة الأدلة التي نصبها الله تعالى وهذا يختص به العلماء. والثاني: بالألطاف التي تتجدد له حالاً بعد حال كما قال سبحانهوالذين اهتدوا زادهم هدى } [محمد: 17]. والثالث: بتوكيد الأدلة وحلّ الشبهة وإلقاء الخواطر { فهو على نور } أي على دلالة وهدى { من ربه } شبَّه الأدلة بالنور لأن بها يعرف الحق كما بالنور تعرف أمور الدنيا عن الجبائي. وقيل: النور كتاب الله عز وجل فبه نأخذ وإليه ننتهي عن قتادة وحُذف كمن هو قاسي القلب يدلُّ على المحذوف قوله { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } وهم الذين ألفوا الكفر وتعصبوا له وتصلبت قلوبهم حتى لا ينجع فيها وعظ ولا ترغيب ولا ترهيب ولا تَرقُّ عند ذكر الله وقراءة القرآن عليه { أولئك في ضلال } أي عدول عن الحق { مبين } أي ظاهر واضح.

السابقالتالي
2 3