الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } * { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } * { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } * { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر غساق بالتشديد حيث كان في القرآن والباقون بالتخفيف وقرأ أهل البصرة وأُخر بضم الألف والباقون آخر على التوحيد. الحجة: قال أبو علي: أما الغساق بالتشديد فلا يخلو أن يكون اسماً أو وصفاً فالاسم لا يجيء على هذا الوزن إلا قليلاً نحو الكلاّء والفدّان والجبّان فينبغي أن يكون وصفاً قد أقيم مقام الموصوف والأحسن أن لا تقام الصفة مقام الموصوف إلا أن تكون صفة قد غلبت نحو العبد والأبطح والأبرق والقراءة بالتخفيف أحسن من حيث ذكرنا ومن قرأ وأخر على الجمع كان أُخر مبتدأ ومن شكله في موضع صفته أي من ضربه وأزواج خبر المبتدأ لأنه جمع كالمبتدأ وقد وصفت النكرة فحسن الابتداء بها والضمير في شكله يعود إلى قوله { حميم } ويجوز أن يكون المعنى من شكل ما ذكرناه. ومن قرأ وآخر على الإفراد فآخر يرتفع بالابتداء في قول سيبويه وفيه ذكر مرفوع عنده وبالظرف في قول أبي الحسن ولا ذكر في الظرف لارتفاع الظاهر به فإن لم تجعل آخر مبتدأ في هذا الوجه خاصة. قلت: إنه يكون ابتداء بالنكرة فلا أحمل على ذلك ولكن لما قال: { حميم وغساق } دلّ هذا الكلام على أن لهم حميماً وغسّاقاً فحمل المعطوف على المعنى فجعل لهم المدلول عليه خبراً آخر فهو قول وكان التقدير لهم عذاب آخر من شكله أزواج فيكون من شكله في موضع الصفة ويكون ارتفاع أزواج به في قول سيبويه وأبي الحسن ولا يجوز أن يجعل قوله من شكله أزواج في قول من قرأ وأخر على الجمع وصفاً ويضمر الخبر كما فعلت ذلك في قول من وحد لأن الصفة منها ذكر إلى الموصوف ألا ترى أن أزواج إذا ارتفع بالظرف لم يجز أن يكون فيه ذكر مرفوع والهاء التي للإفراد لا ترجع إلى الجمع في الوجه البين فتحصل الصفة بلا ذكر يعود منها إلى الموصوف وأما امتناع أخر من الصرف في النكرة فللعدل والوصف فمعنى العدل فيه أن هذا النحو لا يوصف به إلا بالألف واللام واستعملت أخر بلا ألف ولام فصارت بذلك معدولة عن الألف واللام. اللغة: المهاد الفراش الموطأ. يقال: مهَّدت له تمهيداً مثل وطأت له توطئة والحَميم الحار الشديد الحرارة ومنه الحمى لشدة حرارتها والغسّاق قيح شديد النتن. يقال: غَسَقت القرحةُ تَغسِق غُسُوقاً. وقيل: هو مشتق من الغَسَق وهو السواد والظلمة أي هو على ضدّ ما يراد في الشراب من الضياء والرقة عن أبي مسلم ومنه يقال ليل غاسق وغَسَقَت عينُه أظلمت وأغسَقَ المُؤذِّن المغرب أخَّره إلى الظلمة والشكل بفتح الشين الضرب المتشابه والشكل بالكسر النظير في الحسن وهو الدل أيضاً والاقتحام الدخول في الشيء بشدة وصعوبة قال أبو عبيدة قولهم لا مرحباً به أي لا رحبت عليه الأرض.

السابقالتالي
2 3