الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ } * { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } * { رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } * { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } * { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } * { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ }

اللغة: الصافنات جمع الصافنة من الخيل وهي التي تقوم على ثلاث قوائم وترفع إحدى يديها حتى تكون على طرف الحافر يقال صفنت الخيل تصفن صفوناً إذا وقفت كذلك قال الشاعر:
ألِـفَ الصُّفُونَ فَلا يَزال كَأَنَّهُ   مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلاثِ كَسِيرا
والجياد جمع جواد والياء ها هنا منقلبة عن واو والأصل جواد وهي السراع من الخيل كأنها تجود بالركض. وقيل: هو جمع جود فيكون مثل سوط وسياط والكرسي السرير وأصله من التكرس وهو الاجتماع ومنه الكراسة لاجتماعها والرخاء الريح اللينة وهي من رخاوة المرور وسهولته والأصفاد جمع صفد وهو الغل ومنه يقال للعطاء: صفد لأنه يرتبط بشكره كما قيل:
وَمَنْ وَجَدَ الإحْسانَ قَيْداً تَقَيَّدا   
الإعراب: حب الخير نصب على أنه مفعول به والتقدير اخترت حب الخير وعن في قوله عن ذكر ربي بمعنى على وعلى هذا فيكون أحببت بمعنى استحببت مثل ما في قولهالذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة } [إبراهيم: 3] أي يؤثرونها وقال أبو علي أحببت بمعنى قعدت ولزمت من قولهم أحبّ البعير إذا برك وقوله { حب الخير } مفعول له أي لزمت الأرض لحب الخير معرضاً عن ذكر ربي فعن في موضع نصب على الحال وذكر مصدر مضاف إلى المفعول ويجوز أن يكون مضافاً إلى الفاعل أي عما ذكرني ربي حيث أمرني في التوراة بإقامة الصلاة توارت بالحجاب أي توارت الشمس ولم يجر لها ذكر لأنه شيء قد عرف كقوله سبحانهإنا أنزلناه } [يوسف: 2] يعني القرآن ولم يجر له ذكر وقوله { كل من عليها فانٍ } يعني الأرض قال الزجاج في الآية يدل على الشمس وهو قوله { إذ عرض عليه } فهو في معنى عرض عليه بعد زوال الشمس حتى توارت الشمس بالحجاب قال وليس يجوز الإضمار إلا أن يجري ذكر أو دليل بمنزلة الذكر وقوله { مسحاً } مصدر فعل محذوف وهو خبر طفق التقدير فطفق يمسح مسحاً وقوله { رخاء } منصوب على الحال والعامل فيه تجري فهو حال من حال لأن تجري في محل نصب بكونه حالاً وكل بناء بدل من الشياطين بدل البعض من الكل وقوله { بغير حساب } في موضع نصب على الحال تقديره غير محاسب. المعنى: ثم عطف سبحانه على قصة داود ع حديث سليمان فقال { ووهبنا لداود سليمان } أي وهبناه له ولداً { نعم العبد } أي نعم العبد سليمان { إنه أواب } أي رجاع إلى الله تعالى في أمور دينه ابتغاء مرضاته { إذ عرض عليه } يجوز أن يتعلق إذ بنعم العبد أي نعم العبد هو حين عرض عليه ويجوز أن يتعلق باذكر يا محمد المحذوف لدلالة الكلام عليه { بالعشي } أي في آخر النهار بعد زوال الشمس { الصافنات } الخيل الواقفة على ثلاث قوائم الواضعة طرف السنبك الرابع على الأرض { الجياد } السريعة المشي الواسعة الخطو.

السابقالتالي
2 3 4 5 6