الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ } * { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } * { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } * { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } * { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } * { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ } * { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }

اللغة: النزل الريع والفضل يقال لهذا الطعام نُزْل ونُزُل. وقيل: هي الإنزال التي يتقوت بها فتقيم الأبدان وتبقي عليها الأرواح ويقال أقمت للقوم نزلهم أي ما يصلح أن ينزلوا عليه من الغذاء وزعم قطرب أن الزقوم شجرة مرة تكون بتهامة. قال أبو مسلم: وظاهر التلاوة يدل على أن العرب كانت لا تعرفها فلذلك فسَّر بعد ذلك. والطلع حمل النخلة سمّي بذلك لطلوعه والشوب خلط الشيء بما ليس منه وهو شرٌّ منه والحميم الحار الذي يدني من الإحراق المهلك قال:
أحـــمَّ اللهُ ذلِـــــكَ مِــنْ لِقـاءٍ   أُحادَ أُحادَ في الشَّهْرِ الحَلالِ
أي أدناه وحمم ريش الفرخ حين يدنو من الطيران والحميم الصديق القريب أي الداني من القلب وهرع الرجل وأهرع إذا استحثَّ فأسرع. قال الأزهري: الإهراع الإسراع والمهرع الحريص. المعنى: ثم قال سبحانه في تمام الحكاية عن قول أهل الجنة { لمثل هذا فليعمل العاملون } أي لمثل هذا الثواب والفوز والفلاح فليعمل العاملون في دار التكليف. وقيل: إنَّ هذا من قول الله تعالى أي لمثل هذا النعيم الذي ذكرناه وهو من قولهلهم رزق معلوم } [الصافات: 41] إلى قولهبيض مكنون } [الصافات: 49] { فليعمل العاملون } هذا ترغيب في طلب الثواب بالطاعة أي من كان يريد أن يعمل لنفع يرجوه فليعمل لمثل هذا النفع العظيم. { أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم } أي أذلك الذي ذكرناه من قرى أهل الجنة وما أعدَّ لهم خير في باب الإنزال التي يتقوت بها ويمكن معها الإقامة أم نزل أهل النار فيها عن الزجاج. وقيل: معناه أسبب هذا المؤدّي إليه خير أم سبب ذلك لأن الزقوم لا خير فيه. وقيل: إنما جاز ذلك لأنهم لما عملوا بما أدّى إليه فكأنهم قالوا فيه خير. وقيل: إنما قال خير على وجه المقابلة فهم مثل قولهأصحاب الجنة يومئذٍ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } [الفرقان: 24] وهذا كما يقول الرجل لعبده إن فعلت كذا أكرمتك وإن فعلت كذا ضربتك أهذا خير أم ذلك وإن لم يكن في الضرب خيراً والزقوم ثمر شجرة متكره جداً من قولهم تزقم هذا الطعام إذا تناوله على تكرّه ومشقة شديدة. وقيل: الزقوم شجرة في النار يقتاتها أهل النار لها ثمرة مرة خشنة اللمس منتنة الرائحة. وقيل: إنها معروفة من شجر الدنيا تعرفها العرب. وقيل: إنها لا تعرفه. فقد روي أن قريشاً سمعت هذه الآية قالت: ما نعرف هذه الشجرة فقال ابن الزبعرى الزقوم بكلام البربر التمر والزبد وفي رواية بلغة اليمن فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا فأتته الجارية بتمر وزبد. فقال لأصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد فيزعم أن النار تنبت الشجرة والنار تحرق الشجرة فأنزل الله سبحانه { إنا جعلناها فتنة للظالمين } أي خبرة لهم افتتنوا بها وكذبوا بكونها فصارت فتنة لهم عن قتادة والزجاج.

السابقالتالي
2 3