الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * { وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع برواية إسماعيل وورش من طريق الأصفهاني لكاذبون اصطفى البنات بالوصل والابتداء اصطفى بكسر الهمزة والباقون اصطفى بفتح الهمزة وكذلك ورش من طريق البخاري. الحجة: قال أبو علي: الوجه الهمز على وجه التقريع لهم بذلك والتوبيخ ويقويه قوله تعالىأم اتخذ مما يخلق بنات } [الزخرف: 16] وقولهأم له البنات ولكم البنون } [الطور: 39]ألكم الذكر وله الأنثى } [النجم: 21] فكما أن هذه المواضع كلها استفهام كذلك قوله { أصطفى البنات } ووجه القراءة الأخرى أنه على وجه الخبر كأنه اصطفى البنات فيما يقولون كقولهذق إنك أنت العزيز الكريم } [الدخان: 49] أي عند نفسك وفيما كنت تقوله وتذهب إليه ويجوز أن يكون اصطفى البنات بدلاً من قوله ولد الله لأن ولادة البنات واتخاذهن اصطفاؤهن فيصير اصطفى بدلاً من المثال الماضي كما كان قولهيضاعف له العذاب } [الفرقان: 69] بدلاً من قوله { يلق أثاماً } ويجوز أن يكون { اصطفى البنات } تفسيراً لكذبهم في قوله { وإنهم لكاذبون } كما أن قوله { لهم مغفرة } تفسير للوعد ويجوز أن يكون متعلقاً بالقول على أنه أريد حرف العطف فلم يذكر واستغني بما في الجملة الثانية من الاتصال بالأولى عن حرف العطف كقولهسيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم } [الكهف: 22] ونحو ذلك. المعنى: ثم عاد الكلام إلى الرد على مشركي العرب فقال سبحانه { فاستفتهم } أي سلهم واطلب الحكم منهم في هذه القصة { ألربك البنات ولهم البنون } أي كيف أضفتم البنات إلى الله تعالى واخترتم لأنفسكم البنين وكانوا يقولون إن الملائكة بنات الله على وجه الاصطفاء لا على وجه الولادة { أم خلقنا الملائكة إناثاً } معناه بل خلقنا الملائكة إناثاً { وهم شاهدون } أي حاضرون خلقنا إياهم أي كيف جعلوهم إناثاً ولم يشهدوا خلقهم. ثم أخبر عن كذبهم فقال { ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله } حين زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى { وإنهم لكاذبون } في قولهم { أصطفى البنات على البنين } دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل فسقطت همزة الوصل ومثله قول ذي الرمة:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ مِنْ أشْياعِهِمْ خَبَراً   أَمْ راجَـعَ الْقَلْبَ مِـنْ أَطْرابِهِ طَرَبُ
والمعنى كيف يختار الله سبحانه الأدون على الأعلى مع كونه مالكاً حكيماً ثم وبَّخهم فقال { ما لكم كيف تحكمون } لله بالبنات ولأنفسكم بالبنين { أفلا تذكرون } أي أفلا تتَّعظون فتنتهون عن مثل هذا القول { أم لكم سلطان مبين } أي حجة بيِّنة على ما تقولون وتدَّعون وهذا كله إنكار في صورة الاستفهام. { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } المعنى فأتوا بكتابكم الذي لكم فيه الحجة إن كنتم صادقين } في قولكم والمراد أنه دليل لكم على ما تقولونه من جهة العقل لا من جهه السمع { وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً } اختلف في معناه على أقوال: أحدها: أن المراد به قول الزنادقة أن الله وإبليس أخوان وأن الله تعالى خلق النور والخير والحيوان النافع وإبليس خلق الظلمة والشر والحيوان الضار عن الكلبي وعطية.

السابقالتالي
2