الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } * { وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }

القراءة: قرأ جعفر بن محمد الصادق ع ويزيدون بالواو والوجه فيه ظاهر. اللغة: الغابر الباقي قليلاً بعد ما مضى ومنه الغبار لأنه يبقى بعد ذهاب التراب قليلاً والتدمير الإهلاك على وجه التنكيل والآبق الفار إلى حيث لا يهتدي إليه طالبه وقد أبق يابق إباقاً والمشحون المملوء والمساهمة المقارعة مأخوذ من إلقاء السهام ودحضت حجته أي سقطت وأدحضها الله مأخوذ من الدحض وهو الزلق لأنه يسقط المار فيه قال الشاعر:
وحَاد كَما حادَ البَعِيرُ عَنِ الدَّحْضِ   
والالتقام ابتلاع اللقمة يقال: لقمه والتقمه وتلقمه بمعنى وألام الرجل فهو مليم أتى بما يلام عليه قال لبيد:
سَفَهاً عَذَلْتَ وَلُمْتَ غَيْرَ مُلِيمٍ   وَهَـــداكَ قَبْلَ الْيَوْمِ غَيْرُ حَكِيمِ
والعراء الفضاء الذي لا يواريه شجر ولا غيره. وقيل: العراء وجه الأرض الخالي قال:
وَرَفَعْتُ رِجْلاً لا أَخافُ عِثارَها   وَنَبَــــذْتُ بِالْبَلَـــدِ الْعَـــراءِ ثِيابِي
واليقطين كل شجرة تبقى من الشتاء إلى الصيف ليس لها ساق قال أمية بن أبي الصلت:
فَأَنْبَــتَ يَقْطِيـناً عَلَيْهِ بِرَحْمَةٍ   مِنَ اللهِ لَوْلا اللهُ أُلْقِيَ ضاحِيا
وهو يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به إقامة زائل لا إقامة راسخ والقطاني من الحبوب التي تقيم في البيت مثل الحمص والعدس والخل وأحدها قطنيَّة وقطينة. الإعراب: { مصبحين } حال من قوله { تمرّون } بالليل الجار والمجرور أيضاً في موضع نصب عطفاً عليه تقديره لتمرون عليه مصبحين وممسين. المعنى: ثم عطف سبحأنه على ما تقدَّم خبر لوط فقال { وإن لوطاً لمن المرسلين } أي رسولاً من جملة من أرسله الله إلى خلقه داعياً لهم إلى طاعته ومنبّهاً لهم على وحدانيته { إذ نجيناه وأهله أجمعين } إذ يتعلق بمحذوف وكأنه قيل أذكر يا محمد إذ نجيناه أي خلَّصناه ومن آمن به من قومه من عذاب الاستئصال. { إلا عجوزاً في الغابرين } أي في الباقين الذين أهلكوا استثنى من جملة قومه امرأته فقال { ثم دمرنا الأخرين } أي أهلكناهم { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل } هذا خطاب لمشركي العرب أي تمروّن في ذهابكم ومجيئكم إلى الشام على منازلهم وقراهم بالنهار وبالليل { أفلا تعقلون } فتعتبرون بهم ومن كثر مروره بموضع العبر كان ألوم ممن قلَّ ذلك عنه والمعنى أفلا تتفكرون فيما نزل بهم لتجتنبوا ما كانوا يفعلونه من الكفر والضلال والوجه في ذكر قصص الأنبياء وتكريرها التشويق إلى مثل ما كانوا عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الخلال وصرف الخلق عما كان عليه الكفار من مساوىء الخصال ومقابح الأفعال. { وإن يونس لمن المرسلين إذ أَبق إلى الفلك المشحون } أي فرّ من قومه إلى السفينة المملوءة من الناس والأحمال خوفاً من أن ينزل العذاب بهم وهو مقيم فيهم { فساهم } يُونس القوم بأن ألقوا السهام على سبيل القرعة أي قارعهم { فكان من المدحضين } أي من المقروعين عن الحسن وابن عباس.

السابقالتالي
2 3