الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } * { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

القراءة: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وروح في شغل ساكنة الغين والباقون في شغل بضم الغين وقرأ أبو جعفر فكهون بغير ألف حيث وقع ووافقه حفص في المطففين انقلبوا فكهين وقرأ الآخرون بالألف كل القرآن وقرأ أهل الكوفة غير عاصم في ظُلَل بضم الظاء بلا ألف والباقون في ظلال وروي عن أمير المؤمنين ع أنه قرأ مِنْ بَعْثِنا من مرقدنا وفي الشواذ قراءة ابن أبي ليلى يا ويلتا وقرأ أُبيّ بن كعب من هبَّنا من مرقدنا. الحجة: الشُغْل والشُغُل لغتان وكذلك الفَكِهْ والفاكه والظُلَل جمع ظُلَّة والظلال يجوز أيضاً أن يكون جمع ظلة فيكون كبُرمة وبرام وعُلبة وعِلاب ويجوز أن يكون جمع ظِلّ وأما قوله مِنْ بَعْثِنا فهو كقولك يا ويلي من أخذك مني قال ابن جني: من الأولى متعلقة بالويل كقولك يا تألمي منك وإن شئت كان حالاً فتعلقت بمحذوف حتى كأنه قال: يا ويلنا كائناً من بعثنا فجاز أن يكون حالاً منه كما جاز أن يكون خبراً عنه في مثل قول الأعشى:
قالَـــتْ هُرَيْــرَةُ لَمّا جِئْـتُ زائِرَها   وَيْلي عَلَيْكَ وَوَيْلي مِنْكَ يا رَجُلُ
وذلك أن الحال ضرب من الخبر وأما من في قوله من مرقدنا فمتعلقة بنفس البعث ومن قرأ يا ويلتا فأصله يا ويلتي فأبدلت الياء ألفاً لأنه نداء فهو موضع تخفيف فتارة تحذف هذه الياء نحو غلام وتارة بالبدل نحو يا غلاماً قال:
يا أَبَتـا عَلَّـكَ أَوْ عَساكــا   
فإِن قلت: كيف قال يا ويلتا وهذا اللفظ للواحد وهم جماعة فالقول إنه يكون على أن كل واحد منهم قال { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } [يس: 52] ونحوه قولهفاجلدوهم ثمانين جلدة } [النور: 4] أي فاجلدوا كل واحد منهم ومثله ما حكاه أبو زيد من قولهم أتينا الأمير فكسانا كلنا حلة وأعطانا كلنا مائة أي كسا كل واحد منا حلة وأعطى كل واحد منا مائة وأما هبَّنا فيمكن أن يكون هبَّ لغة في أهبَّ ويمكن أن يكون على معنى هب بنا أي أيقظنا ثم حذف حرف الجر فوصل الفعل. اللغة: قال أبو عبيدة: الصُور جمع صورة مثل بسرة وبُسْر وهو مشتق من صاره يصوره صوراً إذا أماله فالصورة تميل إلى مثلها بالمشاهدة والجدث القبر وجمعه الأجداث وهذه لغة أهل العالية ويقول أهل السافلة بالفاء جدف والنسول الإسراع في الخروج يقال نسل يَنْسِل ويَنْسَلُ قال امرؤ القيس:
وَإِنْ تَكُ قَدْ ساءَتْكِ مِنّي خَلِيقَةٌ   فَسَــلّي ثِيابِـي مِنْ ثِيابِكِ تَنْسَلِ
وقال آخر:
عَسَلانَ الذِّئْبِ أَمْسَى قارِباً   بَـــرَدَ اللَّيْــلُ عَلَيْـــهِ فَنَسَلْ
الإعراب: { هذا ما وعد الرحمن } مبتدأ وخبر ويكون من بعثنا من مرقدنا كلاماً تاماً يوقف عليه ويجوز أن يكون هذا من نعت مرقدنا أي مرقدنا الذي كنا راقدين فيه فيكون الوقف على مرقدنا هذا ويكون ما وعد الرحمن خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر على تقدير { هذا ما وعد الرحمن } أو حق ما وعد الرحمن سلام بدل من ما والمعنى لهم ما يتمنون لهم سلام وقولا منصوب على أنه مصدر فعل محذوف أي يقوله الله قولاً.

السابقالتالي
2 3