الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } * { وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } * { قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } * { قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } * { وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ }

القراءة: قرأ أبو بكر { فعززنا } بالتخفيف والباقون بتشديد الزاي وقرأ أبو عمرو وقالون عن نافع وزيد عن يعقوب أن ذكرتم بهمزة واحدة غير ممدودة وقرأ ابن كثير ويعقوب ونافع آن ذكرتم بهمزة واحدة ممدودة وقرأَ أبو جعفر أئن بهمزة واحدة مطولة والثانية ملينة مفتوحة ذكرتم مخففة والباقون أئن ذكرتم بهمزتين. الحجة: قال أبو علي: قال بعضهم عزَّزنا قوينا وكثرنا وأما عززنا فغلبنا من قوله تعالىوعزني في الخطاب } [ص: 23] وقوله { ءإن ذكرتم } فإنما هي أن الجزاء دخلت عليها ألف الاستفهام والمعنى { ءإن ذكرتم } تشاءمتم فحذف الجواب لأن تطيرنا بكم تشاءمنا بكم وأَصل تطيرنا تفعلنا من الطائر عند العرب الذي به يتشاءمون ويتيمنون ومن قرأ أن ذكرتم بفتح أن فالمعنى لأن ذكرتم تشاءمتم وأما تخفيف الهمزة وتحقيقها فقد تقدَّم ذكرهما في مواضع. الإعراب: { وكل شيء } منصوب بفعل مضمر يفسّره هذا الظاهر الذي هو أحصيناه والتقدير أحصينا { وكل شيء أحصيناه } أصحاب القرية بدلاً من مثلاً. { إذ جاءها المرسلون } العامل في إذ محذوف تقديره قصة أصحاب القرية كائنة { إذ جاءها المرسلون } وإذ أرسلنا بدلاً من الأول. المعنى: لمّا أخبر سبحانه عن أولئك الكفار أنهم لا يؤمنون وأنهم سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار عقبه بذكر حال من ينتفع بالإنذار فقال { إنما تنذر من اتبع الذكر } والمعنى إنما ينتفع بإنذارك وتخويفك من اتبع القرآن لأن نفس الإنذار قد حصل للجميع { وخشي الرحمن بالغيب } أي في حال غيبته عن الناس بخلاف المنافق. وقيل: معناه وخشي الرحمن فيما غاب عنه من أمر الآخرة { فبشّره } أي فبشّرنا محمد من هذه صفته { بمغفرة } من الله لذنوبه { وأجر كريم } أي ثواب خالص من الشوائب. ثم أخبر سبحانه عن نفسه فقال { إنا نحن نحيي الموتى } في القيامة للجزاء { ونكتب ما قدموا } من طاعتهم ومعاصيهم في دار الدنيا عن مجاهد وقتادة. وقيل: نكتب ما قدَّموه من عمل ليس له أثر { وآثارهم } أي ما يكون له أثر عن الجبائي. وقيل: يعني بآثارهم أعمالهم التي صارت سنَّة بعدهم يقتدى فيها بهم حسنة كانت أم قبيحة. وقيل: معناه ونكتب خطاهم إلى المسجد وسبب ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري أن بني سلمة كانوا في ناحية المدينة فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد والصلاة معه فنزلت الآية وفي الحديث عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم " رواه البخاري ومسلم في الصحيح { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } أي وأحصينا وعدَّدنا كل شيء من الحوادث في كتاب ظاهر وهو اللوح المحفوظ والوجه في إحصاء ذلك فيه اعتبار الملائكة به إذ قابلوا به ما يحدث من الأمور ويكون فيه دلالة على معلومات الله سبحانه على التفصيل.

السابقالتالي
2 3 4