الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } * { وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }

القراءة: قرأ أبو جعفر فلا تذهب بضم التاء نفسك بالنصب والباقون فلا تذهب نفسك والوجه فيهما ظاهر. الإعراب: حسرات مصدر فعل محذوف تقديره فلا تذهب نفسك تتحسر عليهم حسرات وجميعاً نصب على الحال والعامل فيه ما يتعلق به اللام من لله { ومكر أولئك هو يبور } هو فصل بين المبتدأ وخبره. المعنى: ثم إنه سبحانه حذَّرهم الشيطان فقال { إن الشيطان لكم عدوٌّ } يدعوكم إلى ما فيه الهلاك والخسر ويصرفكم عن أفعال الخير والبرّ ويدعوكم إلى الشرّ { فاتخذوه عدوّاً } أي فعادوه ولا تتّبعوه بأن تعملوا على وفق مراده وتذعنوا لانقياده { إنما يدعوا حزبه } أي أتباعه وأولياءه وأصحابه { ليكونوا من أصحاب السعير } أي النار المسعرة والمعنى أنه لا سلطان له على المؤمنين ولكنَّه يدعو اتباعه إلى ما يستحقّون به النار. ثم بيَّن سبحانه حال من أجابه وحال من خالفه فقال { الذين كفروا لهم عذاب شديد } جزاء على كفرهم { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة } من الله لذنوبهم { وأجر كبير } أي ثواب عظيم. ثم قال سبحانه مقررّاً لهم { أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً } يعني الكفار زيّنت لهم نفوسهم أعمالهم السيئة فتصوّروها حسنة أو زيَّنها الشيطان لهم بأن أمالهم إلى الشبه المضلَّة وترك النظر في الأدلة وأغواهم حتى تشاغلوا بما فيه عاجل اللذة وطرح الكلفة وخبر قوله { أفمن زيّن له سوء عمله } محذوف أي أهو كمن علم الحسن والقبيح وعمل بما علم ولم يزيّن له سوء عمله. وقيل: تقديره كمن هداه الله. وقيل: كمن زيّن له صالح عمله { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } مرَّ بيانه { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } أي لا تهلك نفسك يا محمد عليهم حسرة ولا يغمّك حالهم إذ كفروا واستحقوا العقاب وهو مثل قولهلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [الشعراء: 3] والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر { إن الله عليم بما يصنعون } فيجازيهم عليه. ثم عاد سبحانه إلى ذكر أدلة التوحيد فقال { والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً } أي تهيّجه وتزعجه من حيث هو { فسقناه } أي فسقنا السحاب { إلى بلد ميت } أي قحط وجدب لم يمطر فيمطر على ذلك البلد { فاحيينا به } أي بذلك المطر والماء { الأرض بعد موتها } بان أنبتنا فيها الزرع والكلاء بعد أن لم يكن { كذلك النشور } أي كما فعل هذا بهذه الأرض الجدبة من إحيائها بالزرع والنبات ينشر الخلائق بعد موتهم ويحشرهم للجزاء من الثواب والعقاب. { من كان يريد العزة فللَّه العزّة جميعاً } اختلف في معناه. فقيل: المعنى من كان يريد علم العزة وهي القدرة على القهر والغلبة لمن هي فإنها لله جميعاً عن الفراء.

السابقالتالي
2