الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } * { ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }

القراءة: قرأ أبو عمرو يُدخَلونها بضم الياء على ما لم يسم فاعله ليشاكل قوله { يُحلَّون } والباقون بفتح الياء لأنهم إذا أدخلوا فقد دخلوا وقد ذكرنا اختلافهم في لؤلؤاً في سورة الحج. اللغة: المقامة الإقامة وموضع الإقامة وإذا فتحت الميم كان بمعنى القيام وموضع القيام قال الشاعر:
يـَــوْمَان يَـوْمُ مَقاماتٍ وأنْدِيَةٍ   وَيَوْمُ سَيْرِ إلَى الأَعْداءِ تَأْوِيبِ
والنْصْب التعب وفيه لغتان النُصْب والنَصَب لغتان كالرُّشْد والرَشَد والحُزْن والحَزن واللغوب الإعياء من التعب. الإِعراب: من الكتاب في موضع الحال من الضمير المنصوب المحذوف من الصلة والتقدير { والذي أوحيناه إليك } كائناً من الكتاب جنات عدن يدخلونها خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون بدلاً من قوله الفضل الكبير { يدخلونها } في موضع نصب على الحال وكذلك { يحلون فيها من أساور } من يتعلق بيحلون من ذهب في موضع الصفة لأساور أي أساور كائنة من ذهب والمعنى ذهبية لا يمسنا في موضع نصب على الحال. المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقال { والذي أوحينا إليك } يا محمد وأنزلناه { من الكتاب } وهو القرآن { هو الحق } أي الصحيح الذي لا يشوبه فساد والصدق الذي لا يمازجه كذب والعقل يدعو إلى الحق ويصرف عن الباطل { مصدقاً لما بين يديه } أي لما قبله من الكتب لأنه جاء موافقاً لما بشّرت به تلك الكتب من حاله وحال من أتى به { إن الله بعباده لخبير } أي عالم { بصير } بأحوالهم. { ثم أورثنا الكتاب } يعني القرآن. وقيل: هو التوراة عن أبي مسلم. وقيل: أراد الكتب لان الكتاب يطلق ويراد به الجنس عن الجبائي والصحيح الأول لأن ظاهر لفظ الكتاب لا يطلق إلا على القرآن { الذين اصطفينا من عبادنا } أي اخترناهم ومعنى الإِرث انتهاء الحكم إليهم ومصيره لهم كما قالوتلك الجنة التي أورثتموها } [الزخرف: 72]. وقيل: معناه أورثناهم الإِيمان بالكتب السالفة إذ الميراث انتقال الشيء من قوم إلى قوم والأول أصحّ واختلف في الذين اصطفاهم الله تعالى من عباده في الآية. فقيل: هم الأنبياء اختارهم الله برسالته وكتبه عن الجبائي. وقيل: هم المصطفون الداخلون في قولهإن الله اصطفى آدم } [آل عمران: 33] إلى قولهوآل إبراهيم وآل عمران } [آل عمران: 33] يريد بني إسرائيل عن أبي مسلم قال: لأن الأنبياء لا يرثون الكتب بل يورث علمهم. وقيل: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم أورثهم الله كل كتاب أنزله عن ابن عباس. وقيل: هم علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما ورد في الحديث " العلماء ورثة الأنبياء " والمروي عن الباقر والصادق ع أنهما قالا هي لنا خاصة وإيانا عنى وهذا أقرب الأقوال لأنهم أحق الناس بوصف الاصطفاء والاجتباء وإيراث علم الأنبياء إذ هم المتعبدون بحفظ القرآن وبيان حقائقه والعارفون بجلائله ودقائقه.

السابقالتالي
2 3