الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ }

القراءة: قرأ روح وزيد عن يعقوب ولا ينقص بفتح الياء وهو قراءة الحسن وابن سيرين والباقون ولا ينقص على البناء للمفعول به وقرأ قتيبة عن الكسائي والذين يدعون بالياء والباقون بالتاء وفي الشواذ قراءة عيسى الثقفي سَيْغٌ شرابه. الحجة: من قرأ يَنْقُص فالتقدير ولا يَنْقُص الله من عمره والقراءة المشهورة ولا يُنْقَص وهي أوفق لما تقدَّمه من قوله { وما يعمّر من معمّر } وكذلك قراءة تدعون على الخطاب أوفق بما تقدَّم من الكلام وما تأخَّر ويدعون بالياء على الغيبة ومن قرأ سَيْغٌ شرابه فإنه على التخفيف من سَيِّغٌ بالتشديد على فيعل وأصله سيوغ مثل هَيْن وهيّن وميت وميّت. اللغة: النطفة الماء القليل والماء الكثير وهو من الأضداد ومنه قول أمير المؤمنين ع لما قيل له إن الخوارج عبروا جسر النهروان: مصارعهم دون النطفة والعمر البقاء وأصله طول المدة وقولهم لعَمر الله بالفتح لا غير والقطمير لفافة النواة. وقيل: الحبّة في بطن النواة والجديد القريب العهد بانقطاع العمل عنه وأصله من القطع. الإعراب: { ولا ينقص } تقديره لا ينقص من عمره شيء فمفعول ما لم يسمَّ فاعله محذوف وقوله { إلا في كتاب } الجار والمجرور في موضع خبر لمبتدأ محذوف تقديره إلا هو كائن في كتاب. { تلبسونها } يجوز أن يكون جملة منصوبة الموضع على الحال من تستخرجون ويجوز أن يكون صفة لحليلة أي حلية ملبوسة واللام من قوله { لتبتغوا } يتعلق بمواخر لأن المعنى أن الفلك يشق الماء للابتغاء من فضل الله وقوله { من دونه } في موضع الحال من الضمير المحذوف من قوله { تدعون } والتقدير والذين تدعونهم كائنين من دونه. المعنى: ثم نسق سبحانه على ما تقدم من دلائل التوحيد فقال { والله خلقكم من تراب } بأن خلق أباكم آدم منه فإن الشيء يضاف إلى أصله. وقيل: أراد به آدم ع نفسه { ثم من نطفة } أي ماء الرجل والمرأة { ثم جعلكم أزواجاً } أي ذكوراً وإناثاً. وقيل: ضروباً وأصنافاً { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } أي وما تحصل من الإناث حاملة ولدها في بطنها إلا بعلم الله تعالى والمعنى إلا وهو عالم بذلك { وما يعمّر من معمّر } معناه وما يمدّ في عمر معمر أي ولا يطول عمر أحد { ولا ينقص من عمره } أي من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه عن أبي مالك يعني ولا يذهب بعض عمره بمضيّ الليل والنهار. وقيل: معناه ولا ينقص من عمر غير ذلك المعمر عن الحسن والضحاك وابن زيد. وقيل: هو ما يعلمه الله تعالى إن فلاناً لو أطاع لبقي إلى وقت كذا وإذا عصى نقص عمره فلا يبقى فالنقصان على ثلاثة أوجه إما أن يكون من عمر المعمر أو من عمر معمر آخر أو يكون بشرط.

السابقالتالي
2