الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } * { فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } * { ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجَٰزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } * { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } * { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

القراءة: قرأ مسكنهم على التوحيد بفتح الكاف حمزة وحفص وبكسر الكاف الكسائي وخلف والباقون مساكنهم على الجمع وقرأ أكل خمط مضاف غير منوّن أهل البصرة وقرأ الباقون غير مضاف بالتنوين وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر ويعقوب وهل نجازي بالنون وكسر الزاي إلا الكفور بالنصب وأدغم الكسائي اللام من هل في النون وغيره لم يدغم والباقون يجازي بالياء وفتح الزاي والكفور بالرفع وقرأ أبو عمرو وابن كثير وهشام بعِّد بين أسفارنا بالتشديد على لفظ الأمر وقرأ يعقوب وسهل ربنا بالضم باعد بالألف وفتح الباء والعين والدال مخففة وهو قراءة محمد بن علي الباقر ع وابن عباس وقرأ الباقون { ربنا } بالنصب { باعد } بالألف على الدعاء وفي الشواذ قراءة ابن يعمر ومحمد بن السميفع ربنا بالنصب بَعُدَ بفتح الباء والدال وضم العين بين أسفارنا بالرفع. الحجة: قال أبو علي: من قرأ مساكنهم أتى باللفظ وفقاً للمعنى لأن لكل ساكن مسكناً ومن قرأ مسكنهم فيشبه أن يكون جعل المسكن مصدراً وحذف المضاف والتقدير في مواضع سكناهم فلما جعل المسكن كالسكنى والسكون أفرد كما يفرد المصدر وهذا أشبه من أن تحمله على نحو:
كلــوا فـي بعــض بطنـكـم   
وعلى هذا قوله تعالىفي مقعد صدق } [القمر: 55] أي في موضع قعود ألا ترى أن لكل واحد من المتقين موضع قعود والأشبه في الكاف الفتح لأن اسم المكان والمصدر من باب يفعل على المفعل وقد يشذ على القياس نحو هذا كما جاء المسجد وسيبويه يحمله على اسم البيت وكذلك المطلع إلا أن أبا الحسن يقول: إن المسكن إذا كسرته لغة كثيرة وهي لغة الناس اليوم والفتح لغة أهل الحجاز فأما الإضافة في أكل خمط فإن أبا عبيدة قال: الخمط كل شجرة مرة ذات شوكة والأكل الجنى فعلى هذا التفسير تحسن الإضافة وذلك أن الأكل إذا كان الجنى فإن جنى كل شجرة منه وغير الإضافة ليس في حسن الإضافة لأن الخمط إنما هو اسم شجرة وليس بوصف فإذا لم يكن وصفاً لم يجر على ما قبله كما يجري الوصف على الموصوف. والبدل ليس بالسهل أيضاً لأنه ليس هو هو ولا بعضه لأن الجنى من الشجر وليس الشجر من الجنى فيكون إجراؤه عليه على وجه العطف البيان كأنه بيّن أن الجنى لهذا الشجر ومنه قال أبو الحسن: الأحسن في كلام العرب أن يضيفوا ما كان من نحو هذا مثل دار آجر وثوب خز قال: فأكل خمط قراءة كثيرة وليست بجيدة في العربية وحجة من قرأ وهل نجازي بالنون قوله { جزيناهم } ومن قرأ يجازى على بناء الفعل للمفعول فإن المجازي أيضاً هو الله تعالى وإنما خصَّ الكفور بالجزاء لأن المؤمن قد يكفر عن سيئاته قال سبحانه ونتجاوز عن سيئاتهم وقال

السابقالتالي
2 3 4