الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }

{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا } أي يؤذونهم من غير أن عملوا ما يوجب أذاهم { فقد احتملوا بهتاناً } أي فقد فعلوا ما هو أعظم الإثم مع البهتان وهو الكذب على الغير يواجهه به فجعل إيذاء المؤمنين والمؤمنات مثل البهتان. وقيل: يعني بذلك أذية اللسان فيتحقق فيها البهتان { وإثماً مبيناً } أي ومعصية ظاهرة. قال قتادة والحسن: إياكم وأذى المؤمنين فإن الله تعالى يغضب له. وقيل: نزلت في قوم من الزناة كانوا يمشون في الطرقات ليلاً فإذا رأوا امرأة غمزوها وكانوا يطلبون الإِماء عن الضحاك والسدي والكلبي. ثم خاطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } أي قل لهؤلاء فليسترن موضع الجيب بالجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة عن الحسن. وقيل: الجلباب مقنعة المرأة يغطين جباههنَّ ورؤوسهنَّ إذا خرجن لحاجة بخلاف الإِماء اللاتي يخرجن مكشفات الرؤوس والجباه عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: أراد بالجلابيب الثياب والقميص والخمار وما تستتر به المرأة عن الجبائي وأبي مسلم. { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } أي ذلك أقرب إلى أن يعرفن بزيّهن أنهنَّ حرائر ولسن بإماء فلا يؤذيهن أهل الريبة فإنهم كانوا يمازحون الإِماء وربما كان يتجاوز المنافقون إلى ممازحة الحرائر فإذا قيل لهم في ذلك قالوا حسبناهنَّ إماء فقطع الله عذرهم. وقيل: معناه ذلك أقرب إلى أن يعرفن بالستر والصلاح فلا يتعرض لهن لأن الفاسق إذا عرف امرأة بالستر والصلاح لم يتعرض لها عن الجبائي { وكان الله غفوراً } أي ستاراً لذنوب عباده { رحيماً } بهم. ثم أوعد سبحانه هؤلاء الفساق فقال { لئن لم ينته المنافقون } أي لئن لم يمتنع المنافقون { والذين في قلوبهم مرض } أي فجور وضعف في الإِيمان وهم الذين لا دين لهم عما ذكرناه من مراودة النساء وإيذائهن { والمرجفون في المدينة } وهم المنافقون أيضاً الذين كانوا يرجفون في المدينة بالأخبار الكاذبة المضعفة لقلوب المسلمين بأن يقولوا اجتمع المشركون في موضع كذا قاصدين لحرب المسلمين ونحو ذلك ويقولوا لسرايا المسلمين أنهم قتلوا وهزموا وفي الكلام حذف وتقديره لئن لم ينته هؤلاء عن أذى المسلمين وعن الإرجاف بما يشغل قلوبهم. { لنغرينك بهم } أي لنسلِّطنَّك عليهم يا محمد عن ابن عباس والمعنى أمرناك بقتلهم حتى تقتلهم وتخلي عنهم المدينة وقد حصل الإِغراء بهم بقوله جاهد الكفار والمنافقين عن أبي مسلم. وقيل: لم يحصل الإغراء بهم لأنهم انتهوا عن الجبائي قال: ولو حصل الإِغراء لقتلوا وشردوا وأخرجوا عن المدينة. { ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً } أي ثم لا يساكنونك في المدينة إلا يسيراً وهو ما بين الأمر بالقتل وما بين قتلهم { ملعونين } أي مطرودين منفيين عن المدينة مبعدين عن الرحمة.

PreviousNext
1 2 4