الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } * { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر إلا الأعشى وعباس وأهل المدينة ترجي بغير همز والباقون بالهمز وقرأ أبو عمرو ويعقوب لا تحل بالتاء والباقون بالياء وسهل أبو حاتم يخيّر فيهما. الحجة: قال أبو علي: جاء في هذا الحرف الهمز وغيره وكذلك أرجئه وأرجه فالقراءة بكل واحد من الأمرين حسنة والتاء والياء في لا تحل حسنان لأن النساء تأنيثه غير حقيقي إنما هو تأنيث الجمع فالتأنيث حسن والتذكير كذلك. اللغة: الإِرجاء هو التأخير ويكون من تبعيد وقت الشيء عن وقت غيره ومنه الإِرجاء في فساق أهل الصلاة وهو تأخير حكمهم بالعقاب إلى الله تعالى والإِيواء ضم القادر غيره من الأحياء الذين هم من جنس ما يعقل إلى ناحيته يقال: آويت الإِنسان آويه إيواء وأوى هو يأوي أوياً إذا انضم إلى مأواه ويقال: أنى الطعام يإنِي إنّى مقصوراً إذا بلغ حالة النضج وأدرك وقته وإذا فتح مدّ فقيل: أَناءً قال الحطيئة:
وَآنَــيْتُ الْعَشاءَ إلى سُهَيْلٍ   أَوَ الشِّعْرى فَطالَ بيَ الأَناءُ
والاستئناس ضد الاستيحاش والإنس ضد الوحشة. الإعراب: ذلك أدنى أن تقرّ تقديره من أن تقرّ أو إلى أن تقرّ أعينهن. كلهن تأكيد للضمير وهو النون في يرضين ولو نصب جاز على تأكيد قوله هنَّ في آتيتهن. غير ناظرين منصوب على الحال ولا مستأنسين معطوف عليه فهو حال معطوف على حال قبله وتقديره ولا تدخلوا مستأنسين لحديث. النزول: نزلت الآية الأولى حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب بعضهن زيادة النفقة فهجرهن شهراً حتى نزلت آية التخيير فأمره الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة وأن يخلّي سبيل من اختار الدنيا ويمسك من اختار الله تعالى ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبداً وعلى أنه يؤوي من يشاء منهن ويرجي من يشاء منهن ويرضين به قسم لهن أو لم يقسم أو قسم لبعضهن ولم يقسم لبعضهن أو فضل بعضهن على بعض في النفقة والقسمة والعشرة أو سوّى بينهن والأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء وهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم. فرضين بذلك كله واخترنه على هذا الشرط فكان صلى الله عليه وسلم يسوّي بينهن مع هذا إلا امرأة منهن أراد طلاقها وهي سودة بنت زمعة فرضيت بترك القسم وجعلت يومها لعائشة عن ابن زيد وغيره. وقيل: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن فقلن يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا فنزلت الآية وكان ممن أرجي منهن سودة وصفية وجويرية وميمونة وأم حبيبة فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب وكان يقسم بينهن على السواء لا يفضل بعضهن على بعض عن ابن رزين.

السابقالتالي
2 3 4 5