الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً } * { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } * { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } * { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } * { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً }

المعنى: ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من عجز عن الليل أن يكابده وجبن عن العدو أن يجاهده وبخل بالمال أن ينفقه فليكثر ذكر الله عز وجل " ثم اختلف في معنى الذكر الكثير فقيل هو أن لا ينساه أبداً عن مجاهد. وقيل: هو أن يذكره سبحانه بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وينزهه عما لا يليق به. وقيل: هو أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر على كل حال عن مقاتل. وقد ورد عن أئمتنا ع أنهم قالوا: من قالها ثلاثين مرة فقد ذكر الله ذكراً كثيراً. وعن زرارة وحمران ابني أعين عن أبي عبد الله ع قال: من سبَّح تسبيح فاطمة الزهراء ع فقد ذكر الله ذكراً كثيراً وروى الواحدي بإسناده عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: " جاء جبرائيل ع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله عدد ما علم وزنة ما علم وملء ما علم فإنَّ من قالها كتب الله له بها ست خصال كتب من الذاكرين الله كثيراً وكان أفضل من ذكره بالليل والنهار وكان له غرساً في الجنة وتحاتت عنه خطاياه كما تحات ورق الشجرة اليابسة وينظر الله إليه ومن نظر الله إليه لم يعذّبه ". { وسبّحوه بكرة وأصيلاً } أي ونزّهوه سبحانه عن جميع ما لا يليق به بالغداة والعشي والأصيل العشي. وقيل: يعني به صلاة الصبح وصلاة العصر عن قتادة وصلاة الصبح وصلاة العشاء الآخرة خصَّهما بالذكر لأن لهما مزية على غيرهما من حيث إن ملائكة الليل والنهار يجتمعون فيهما. وقال الكلبي: أما بكرة فصلاة الفجر وأما أصيلاً فصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وسمى الصلاة تسبيحاً لما فيها من التسبيح والتنزيه. { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } الصلاة من الله تعالى المغفرة والرحمة عن سعيد بن جبير والحسن. وقيل: الثناء عن أبي العالية. وقيل: هي الكرامة عن سفيان وأما صلاة الملائكة فهي دعاؤهم عن ابن عباس وأبي العالية. وقيل: طلبهم إنزال الرحمة من الله تعالى. { ليخرجكم من الظلمات إلى النور } أي من الجهل بالله سبحانه إلى معرفته فشبَّه الجهل بالظلمات وشبَّ المعرفة بالنور لأن هذا يقود إلى الجنة وذلك يقود إلى النار. وقيل: من الضلالة إلى الهدى بألطافه وهدايته. وقيل: من ظلمات النار إلى نور الجنة { وكان بالمؤمنين رحيماً } خصَّ المؤمنين بالرحمة دون غيرهم لأنه سبحانه جعل الإيمان بمنزلة العلة في إيجاب الرحمة والنعمة العظيمة التي هي الثواب.

السابقالتالي
2