الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً }

القراءة: قرأ ابن كثير وابن عامر نضعف بالنون والتشديد العذاب بالنصب وقرأ أبو جعفر وأهل البصرة يضعف بالياء والتشديد العذاب بالرفع والباقون يضاعف بالياء والألف وفتح العين وقرأ أهل الكوفة غير عاصم ومن يقنت ويعمل صالحاً يؤتها الجميع بالياء وقرأ روح وزيد من تأت ومن تقنت وتعمل كلها بالتاء نؤتها بالنون والباقون من يأت ومن يقنت بالياء وتعمل بالتاء ونؤتها بالنون. الحجة: قال أبو علي: ضاعف وضعف بمعنى فمن لم يسم الفاعل أسند الفعل إلى العذاب ومن قرأ بكسر العين فالفعل مسند إلى ضمير اسم الله تعالى ومعنى يضاعف لها العذاب ضعفين أنها لما تشاهد من الزواجر الرادعة عن مواقعة الذنوب ينبغي أن يمتنع منها أكثر مما يمتنع من لا يشاهد ذلك وقال: يضاعف لها العذاب فعاد الضمير إلى معنى من دون لفظه ولو عاد على لفظه لذكَّره ومن قرأ يقنت بالياء فلأن الفعل مسند إلى ضمير من ولم يتبين فاعل الفعل بعد فلما ذكر ما دلَّ على أن الفعل لمؤنث حمل على المعنى فأنَّث وكذلك قوله { من آمن بالله } ثم قال { فلا خوف عليهم } ومن قرأ كل ذلك بالياء فإنه حمل على اللفظ دون المعنى ومن قرأ من تأت بالتاء حمل على المعنى فكأنه قال: أيَّة امرأة منكن أتت بفاحشة أو تأت بفاحشة ومثله في الكلام كثير للبيان كقوله سبحانهومنهم من يستمعون إليك } [يونس: 42] وقول الفرزدق:
تَعَــشَّ فَـإنْ عاهَدْتَني لا تَخُونُني   نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذِئْبُ يَصْطَحِبانِ
أي مثل اللذين يصطحبان. قال ابن جني: أن تكون من هنا على الصلة أولى من أن تكون على الصفة. اللغة: الضعف مثل الشيء الذي يضمّ إليه يقال: ضاعفته أي زدت عليه مثله ومنه الضعف وهو نقصان القوة بأن يذهب أحد ضعفيها فهو ذهاب ضعف القوة. النزول: قال المفسّرون: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئاً من عرض الدنيا وطلبن منه زيادة في النفقة وآذينه لغيرة بعضهن على بعض فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن شهراً فنزلت آية التخيير وهو قوله { قل لأزواجك } وكُنَّ يومئذٍ تسعاً عائشة وحفصة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وسودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية فهؤلاء من قريش وصفيّة بنت الخيبرية وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحارث المصطلقية. وروى الواحدي بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع حفصة فتشاجرا بينهما فقال لها: " هل لك أن أجعل بيني وبينك رجلاً " قالت: نعم فأرسل إلى عمر فلما أن دخل عليهما قال لها: " تكلّمي " فقالت: يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقّاً فرفع عمر يده فوجأ وجهها ثم رفع يده فوجأ وجهها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " كفّ " فقال عمر: يا عدوة الله النبي لا يقول إلا حقاً والذي بعثه بالحق لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهراً لا يقرب شيئاً من نسائه يتغدّى ويتعشّى فيها فأنزل الله تعالى هذه الآيات ".

السابقالتالي
2 3