الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } * { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة لا ينفع بالياء والباقون بالتاء وكذلك في حم المؤمن ووافق نافع أهل الكوفة في حم المؤمن. الحجة: قال أبو علي: التأنيث حسن لأن المعذرة اسم مؤنث وأما التذكير فلأن التأنيث غير حقيقي وقد وقع الفصل بين الفعل وفاعله والفصل يحسن التذكير. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن علماء المؤمنين في ذلك اليوم فقال: { وقال الذين أوتوا العلم والإيمان } أي آتاهم الله العلم بما نصب لهم من الأدلة الموجبة له فنظروا فيها فحصل لهم العلم فلذلك أضافه إلى نفسه لما كان هو الناصب للأدلة على العلوم والتصديق بالله وبرسوله: { لقد لبثتم } أي مكثتم { في كتاب الله } ومعناه أن لبثكم ثابت في كتاب الله ثبته الله فيه وهو قولهومن ورائِهم برزخ إلى يوم يبعثون } [المؤمنون: 100] وهذا كما يقال: إن كل ما يكون فهو في اللوح المحفوظ أي هو مثبت فيه والمراد لقد لبثتم في قبوركم: { إلى يوم البعث }. وقيل: إن الذين أوتوا العلم والإيمان هم الملائكة. وقيل: هم الأنبياء. وقيل: هم المؤمنون. وقيل: إن هذا على التقديم وتقديره وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله وهم الذين يعلمون كتاب الله والإيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث. وقال الزجاج: { في كتاب الله } أي في علم الله المثبت في اللوح المحفوظ فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا: { ولكنكم كنتم لا تعلمون } وقوعه في الدنيا فلم ينفعكم العلم به الآن. ويدلُّ على هذا المعنى قوله: { فيومئذٍ لا ينفع الذين ظلموا } أنفسهم بالكفر: { معذرتهم } فلا يمكنون من الاعتذار ولو اعتذروا لم يقبل عذرهم { ولا هم يستعتبون } أي لا يطلب منهم الإعتاب والرجوع إلى الحق. { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } أَي بالَغْنا في البيان للمكلفين في هذا القرآن الذي أنزلناه على نبيِّنا من كل مثل يدعوهم إلى التوحيد والإيمان { ولئن جئتهم بآية } أي معجزة باهرة مما اقترحوها منك: { ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون } أي أصحاب أباطيل وهذا أخبار عن عناد القوم وتكذيبهم بالآيات. { كذلك } أي مثل ما طبع الله على قلوب هؤلاء. { يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون } توحيد الله والطبع والختم مُفَسّران في سورة البقرة. { فاصبر } يا محمد على أذى هؤلاء الكفار وإصرارهم على كفرهم: { إن وعد الله حق } بالعذاب والتنكيل لأعدائك والنصر والتأييد لك ولدينك { ولا يستخفنك } أي لا يستفزنك { الذين لا يوقنون } بالبعث والحساب فهم ضالون شاكُّون. وقيل: لا يستخفنَّك أي لا يحملنَّك كفر هؤلاء على الخفة والعجلة لشدة الغضب عليهم لكفرهم بآياتنا فتفعل خلاف ما أمرت به من الصبر والرفق عن الجبائي.