الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }

القراءة: قرأ { يرجعون } بالياء أبو عمر وغير عباس وأوقية وسهل وحماد ويحيى مختلف عنهما والباقون بالتاء وقرأ حمزة والكسائي { وكذلك تخرجون } بفتح التاء والباقون بضمها وفتح الراء وفي الشواذ قراءة عكرمة حينا تمسون وما بعده. الحجة: قال أبو علي: حجة الياء أن المتقدم ذكره غيبة يبدأ الخلق ثم يعيده والخلق هم المخلوقون في المعنى وجاء قوله: { ثم يعيده } على لفظ الخلق وقوله: { وإليه يرجعون } على المعنى ولم يرجع على لفظ الواحد ووجه التاء أنه صار الكلام من الغيبة إلى الخطاب وحجة من قرأ يخرجون قوله { يخرجون من الأجداث } وقوله: { إلى ربهم ينسلون } وحجةٌ تُخرجون من بعثنا من مرقدنا وقوله: { وكذلك نخرج الموتى وإليه تقلبون } وأما قوله: { حين تمسون } فالمراد تمسون فيه فحذف فيه تخفيفاً على مذهب صاحب الكتاب في نحوه ومثله قوله تعالى:واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً } [البقرة: 48] أي لا تجزى فيه. قال ابن جني: قال سيبويه: حذف فيه معتبطاً لحرف الجر والضمير لدلالة الفعل عليهما وقال أبو الحسن: حذف في فبقى تجزيه لأنه أوصل الفعل إليه ثم حذف الضمير من بعد فهما حذفان متتاليان شيئاً على شيء. اللغة: الإبلاس: اليأس من الخير. وقيل: هو التحير عند لزوم الحجة قال العجاج:
يا صاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا   قــالَ نَعَــمْ أعْــرِفُـــهُ وَأبْلَســا
والحبرة المسرة ومنه الحبر العالم والحبر الجمال وفي الحديث يخرج: " رجل من النار ذهب حبره وسبره " أي جماله وسحناؤه والتحبير التحسين الذي يسر به وخص ذكر الروضة ها هنا لأنه ليس عند العرب شيء أحسن منها قال الأعشى:
ما رَوْضَةٌ مِنْ رياضِ الْحَزْنِ مُعْشِبَةً   خَضْــراءُ جـادَ عَلَيْهــا مُسْبِـلٌ هَطِلْ
يُضاحِــكُ الشَّمْسَ مِنْها كَوْكَبٌ شَرِقٌ   مُــوَزَّرٌ بِعَمِيــمِ النَّبْــتِ مُكْتَهِـــلُ
يَومــــاً بِـــأَطْيَـــبَ مِنْها نَشْرَ رائحَةٍ   وَلا بِــأَحْسَـــنَ مِنْهــا إذْ دَنَـا الأُصُلُ
الإعراب: ويوم تقوم الساعة يومئذ { يتفرقون } يوم ظرف ليتفرقون ويومئذٍ بدل عنه وموضع الكاف من كذلك نصب بقوله { يخرجون }. المعنى: ثم ذكر سبحانه قدرته على الإعادة فقال: { الله يبدؤا الخلق ثم يعيده } أي يخلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد الموت أحياءَ كما كانوا { ثم إليه يرجعون فيجازيهم بأعمالهم. { ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون } أي يوم تقوم القيامة ييأس الكافرون من رحمة الله تعالى ونعمه التي يفيضها على المؤمنين. وقيل: يتحيرون وتنقطع حججهم بظهور جلائل آيات الآخرة التي يقع عندها علم الضرورة. { ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء } أي لم يكن لهم من أوثانهم التي عبدوها ليشفعوا لهم شفعاء تشفع لهم أو تدفع عنهم كما زعموا أنا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى { وكانوا بشركائهم كافرين } يعني أن المشركين يتبرؤون من الأوثان وينكرون كونها آلهة ويقرّون بأن الله لا شريك له عن الجبائي وأبي مسلم.

السابقالتالي
2 3