الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } * { فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } * { فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }

اللغة: قال الزجاج: الغلب والغلبة مصدر غلبت مثل الجلب والجلبة والغلبة الاستيلاء على القرن بالقهر والبضع القطعة من العدد ما بين الثلاثة إلى العشرة وهو من بضعته أي قطعته تبضيعاً ومنه البضاعة القطعة من المال تدور في التجارة. قال المبرد: البضع ما بين العقدين في جميع الأعداد والفرح والسرور نظيران ونقيضهما الغم وليس شيء من ذلك بجنس والصحيح أنها من جنس الاعتقاد. الإعراب: { من بعد غلبهم } تقديره: من بعد أن غلبوا فالمصدر مضاف إلى المفعول. وعد الله مصدر مؤكّد لأن قوله { سيغلبون } وعد من الله للمؤمنين فالمعنى وعد الله ذلك وعداً. المعنى: { الم } مرَّ تفسيره { غلبت الروم } قال المفسرون: غلبت فارس الروم وظهروا عليهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرح بذلك كفار قريش من حيث إن أهل فارس لم يكونوا أهل كتاب وساء ذلك المسلمين وكان بيت المقدس لأهل الروم كالكعبة للمسلمين فدفعتهم فارس عنه وقوله: { في أدنى الأرض } أي في أدنى الأرض من أرض العرب عن الزجاج. وقيل: في أدنى الأرض من أرض الشام إلى أرض فارس يريد الجزيرة وهي أقرب أرض الروم إلى فارس عن مجاهد. وقيل: يريد أذرعات وكسكر عن عكرمة { وهم } يعني الروم { من بعد غلبهم سيغلبون } أي من بعد غلبة فارس إياهم سيغلبون فارس. { في بضع سنين } وهذه من الآيات الدالة على أن القرآن من عند الله عز وجل لأن فيه أنباء ما سيكون وما يعلم ذلك إلا الله عز وجل { لله الأمر من قبل ومن بعد } أي من قبل أن غلبت الروم ومن بعد أن غلبت فإن شاء جعل الغلبة لأحد الفريقين على الآخر وإن شاء جعل الغلبة للفريق الآخر عليهم وإن شاء أهلكهما جميعاً { ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله } أي ويوم يغلب الروم فارساً يفرح المؤمنون بدفع الروم فارساً عن بيت المقدس لا بغلبة الروم على بيت المقدس فإنهم كفار ويفرحون أيضاً لوجوه أُخر وهو اغتمام المشركين بذلك ولتصديق خبر الله عز وجل وخبر رسوله ولأنه مقدمة لنصرهم على المشركين. { ينصر من يشاء } من عباده { وهو العزيز } في الانتقام من أعدائه { الرحيم } بمن أناب إليه من خلقه: { وعد الله } أي وعد الله ذلك: { لا يخلف الله وعده } بظهور الروم على فارس: { ولكن أكثر الناس } يعني كفار مكة { لا يعلمون } صحة ما أخبرناه لجهلهم بالله تعالى. { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } أي يعلمون منافع الدنيا ومضارها ومتى يزرعون ومتى يحصدون وكيف يجمعون وكيف يبنون وهم جهال بالآخرة فعمروا دنياهم وخربوا آخرتهم عن ابن عباس وقال الحسن: بلغ والله من علم أحدهم بدنياه أن يقلب الدرهم على ظهره فيخبرك بوزنه وما يحسن أن يصلي وسئل أبو عبد الله ع عن قوله: { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } فقال: منه الزجر والنجوم.

السابقالتالي
2