الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

اللغة: الملء أصلـه الملأ وهو تطفيح الإناء ومنه الملأ الأشراف لأنهم يملؤون العين هيبة وجلالة ومنه رجل مليء بالأمر وهو أملأ به من غيره فالمِلْءُ اسم للمقدار الذي يملأ والمَلَؤُ المصدر والفدية البدل من الشيء في إزالة الأذية ومنه فداء الأسير لأنه بدل منه في إزالة القتل والأسر عنه إذا كُسر مدّ وإذا فُتح قصر تقول فَدى لك أو فِداءً لك ويجوز قصر هذا الممدود للضرورة والافتداء افتعال من الفدية. الإعراب: ذهباً منصوب على التمييز وإنما استحق النصب لاشتغال العامل بالإضافة أو ما عاقبها من النون الزائدة فجرى ذلك مجرى الحال في اشتغال العامل بصاحبها ومجرى المفعول في اشتغال العامل عنه بالفاعل وقولـه ولو افتدى به قال الفراء هذه الواو زائدة وغلّطه الزجاج لأن الكلام إذا أمكن حملـه على فائدة يحمل على الزيادة وقال إذا دخلت الواو في مثل هذا كان أبلغ في التأكيد كقولك لا آتيك وإن أعطيتني لأنها دخلت لتفصيل نفي القبول بعد الإجمال ولو جعلنا الواو زائدة لأوهم ذلك أنه لا يقبل منه ملء الأرض ذهباً في الافتداء ويقبل في غيره. المعنى: { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار } أي على كفرهم { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً } أي مقدار ما يملأ الأرض من الذهب { ولو افتدى به } بذلـه عوضاً ومعناه أن الكافر الذي يعتقد الكفر وإن أظهر الإيمان لا ينفعه الإنفاق بمعنى أنه لا يوجب لـه الثواب وقيل معناه أنه لا يقبل منه في الآخرة لو وجد إليه السبيل. قال قتادة: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال لـه أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً لكنت تفتدي به فيقول: نعم فيقال لـه: لقد سئلت أيسر من ذلك فلم تفعل ورواه أيضاً أنس عن النبي { أولئك لـهم عذاب أليم وما لـهم من ناصرين } قد ذكرنا معناه.