الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

القراءة: قرأ حمزة وحده لِما آتيتكم بكسر اللام والباقون بفتحها وقرأ نافع آتيناكم على الجمع والباقون آتيتكم على التوحيد. الحجة: الوجه في قراءة حمزة لما آتيتكم بكسر اللام أنه يتعلق بالأخذ كأن المعنى أخذ ميثاقهم لـهذا ويكون ما على هذا موصولة والعائد إلى الموصول من الجملة المعطوفة على صلته وهي قولـه جاءكم رسول مصدق لما معكم مظهر بمنزلة المضمر وهي قولـه ما معكم لأنه بمنزلة ما أوتوه من الكتاب والحكمة فهذا يكون مثل قولـهإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } [يوسف: 90] لأنه في معنى لا يضيع أجرهم ويجوز أن يكون ما على هذه القراءة حرفاً فيكون بمعنى المصدر. قال أبو علي: ومن فتح اللام فقال لما آتيتكم فإن ما فيه يحتمل تأويلين أحدهما: أن يكون موصولة والآخر: أن يكون للجزاء فمن قدر ما موصولة فالقول فيما يقتضيه قولـه { ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم } من الراجع إلى الموصول ما تقدم ذكره في قراءة حمزة وأما الراجع إلى الموصول من الجملة الأولى فالضمير المحذوف من الصلة تقديره لما آتيتكموه واللام في لما فيمن قدر ما موصولة لام ابتداء وهي المتلقية لما أجري مجرى القسم من قولـه { وإذ أخذ الله ميثاق النبين } وموضع ما رفع بالابتداء والخبر لتؤمنن به ولتؤمنن متعلق بقسم محذوف والمعنى والله لتؤمنن به والذكر الذي في به يعود إلى الذي آتيتكموه الذي هو المبتدأ ونحوه قولك لَعَبْدُ الله والله لتأتينه والذكر الذي في لتنصرنه يعود إلى رسول الله المتقدم ذكره وإذا قدرت ما للجزاء كانت ما في موضع نصب بآتيتكم وآتيتكم في موضع جزم بالشرط وجاءكم في موضع جزم بالعطف على آتيتكم واللام الداخلة على { ما } لا يكون المتلقية للقسم ولكن يكون بمنزلة اللام في لئن لم ينته المنافقون والمتلقية قولُـه { لتؤمنن به } كما أنها في قولـه:لئن لم ينته المنافقون } [الأحزاب: 60] قولُـهلَنغرينك بهم } [الأحزاب: 60] وهذه اللام الداخلة على أن لا يعتمد القسم عليها فلذلك جاز حذفها تارة وإثباتها تارة كما قالوإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا } [المائدة: 73] فيلحق هذه اللام إنْ مرة ولا تلحق أخرى كما أنّ أن كذلك في قولـه والله أن لو فعلت لفعلت ووالله لو فعلت لفعلت. المعنى: لمّا تقدّم ذكر النبيين عقبه سبحانه بذكر نبينا وما أخذ من عهده عليهم أجمعين فقال { وإذ أخذ الله ميثاق النبين } العامل في إذ محذوف وتقديره وإذكر إذ أخذ الله وقيل هو عطف على ما تقدم من قولـه { وإذ قالت الملائكة } وروي عن أمير المؤمنين ع وابن عباس وقتادة أن الله أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم أن يخبروا أممهم بمبعثه ونفعته ويبشروهم به ويأمروهم بتصديقه وقال طاووس: أخذ الله الميثاق على الأنبياء ع على الأول والآخر فأخذ الله ميثاق الأول لتأمنن بما جاء به الآخر.

السابقالتالي
2 3