الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

اللغة: قال الزجاج معنى كلمة كلام فيه شرح قصة وإن طال ولذلك تقول العرب للقصيدة كلمة، يروى أن حسان بن ثابت كان إذا قيل لـه أنشدنا قال هل أنشد كلمة الحويدرة يعني قصيدته التي أولـها:
بَكَرَتْ سُميَّةُ غُدْوَةً فَتَمنعُ   
ومعنى سواء أي عدل وسُوِي بمعناه قال زهير:
أَرُوني خُطَّةً لا ضَيْـمَ فيهـــا   يُسَوّي بَيْنَنَ فيْهَا الْسَّواءُ
فَإنْ تُرِكَ السَواءُ فَلَيْسَ بَيْني   وَبَيْنَكُمُ بَني حِصْنٍ بَقاءُ
وقيل سواء مستو هو مصدر وضع موضع اسم الفاعل ومعناه إلى كلمة مستوية وهو عند الزجاج اسم ليس بصفة وإنما جرّ بتقدير ذات سواء وجوز نصبه على المصدر. الإعراب: موضع أن لا نعبد فيه وجهان أحدهما: أن يكون في موضع جر على البدل من كلمة فكأنه قال تعالوا إلى أن لا نعبد إلا الله والآخر: أن يكون في موضع رفع على تقدير هي أن لا نعبد إلا ولو قرئ أن لا نعبد بالرفع كان أن هي المخففة من المثقلة فكأنه قال إنه لا نعبد إلا الله الله كقولـهأفلا يرون } [طه: 89] [الأنبياء: 44]ألا يرجع إليهم قولاً } [طه: 89] وعلى هذا يثبت النون في الخط ويكون إن من العوامل في الأسماء وعلى الأول يكون من العوامل في الأفعال ولا يثبت في الخط لنون ولو قرئ أن لا نعبد إلا الله بالإسكان فإن مفسرة كالتي في قولـه أن امشوا ولا نعبد نهي. النزول: قيل في سبب نزول الآية أقوال أحدها: أنها نزلت في نصارى نجران عن الحسن والسدي وابن زيد ومحمد بن جعفر بن الزبير وثانيها: أنها نزلت في يهود المدينة عن قتادة والربيع وابن جريج وقد رواه أصحابنا أيضاً وثالثها: أنها نزلت في الفريقين من أهل الكتاب على الظاهر عن أبي علي الجبائي وهذا أولى لعمومه. المعنى: لما تمّ الحجاج على القوم دعاهم تعالى إلى التوحيد وإلى الاقتداء بمن اتفقوا أنه كان على الحق فقال { قل } يا محمد { يا أهل الكتاب تعالوا } أي هلمّوا { إلى كلمة سواء } أي عدل { بيننا وبينكم } أي عادلة لا ميل لـها كما يقال رجل عدل أي عادل لا ميل فيه وقيل معناه كلمة مستوية بيننا وبينكم فيها ترك العبادة لغير الله وهي { أن لا نعبد إلا الله } لأن العبادة لا تحق إلا لـه { ولا نشرك به } في العبادة { شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله } اختلف في معناه فقيل معناه ولا يتخذ بعضنا عيسى رّباً فإنه كان بعض الناس وقيل معناه أن لا نتخذ الأحبار أرباباً بأن نطيعهم طاعة الأرباب لقولـه:اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } [التوبة: 31] وروي عن أبي عبد الله أنه قال: ما عبدوهم من دون الله ولكن حرموا لـهم حلالاً وأحلّوا لـهم حراماً فكان ذلك اتخاذهم أرباباً من دون الله.

السابقالتالي
2