الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ }

اللغة: القَصَصُ القصة وفَعَل بمعنى مفعول كالنَقَض والقَبَض والقِصَصْ جمع القصة ويقال اقتصصت الحديث وقصصته قصاً وقصصاً رويته على جهته وهو من اقتصصت الأثر أي اتبعته ومنه اشتق القصاص والقصص الخبر الذي تتابع فيه المعاني والتوالي عن الحق اعتقاد خلافة لأنه كالإدبار عنه بعد الإقبال عليه وأصل التولي كون الشيء على خلاف ما توجبه الحكمة والإصلاح إيقاعه على ما توجبه الحكمة. والفرق بين الفساد والقبيح أن الفساد تغيير عن المقدار الذي تدعوا إليه الحكمة وليس كذلك القبيح لأنه ليس فيه معنى المقدار وإنما هو ما تزجر عنه الحكمة كما أن الحسن ما تدعوا إليه الحكمة. الإعراب: ما من إلـه إلا الله دخول من فيه لعموم النفي لكل إلـه غير الله وإنما أفادت من هذا المعنى لأن أصلـها لابتداء الغاية فدلت على استغراق النفي لابتداء الغاية إلى انتهائها وقولـه لـهو يجوز أن يكون هو فصلاً ويسميه الكوفيون عماداً فلا يكون لـه موضع من الإعراب ويكون القصص خبر إن ويجوز أن يكون مبتدأ والقصص خبره والجملة خبر إنَّ. المعنى: { إن هذا لـهو القصص الحق } معناه أن هذا الذي أوحينا إليك في أمر عيسى ع وغيره لـهو الحديث الصدق فمن خالفك فيه مع وضوح الأمر فهو معاند { وما من إلـه إلا الله } أي وما لكم أحد يستحق إطلاق اسم الإلـهية إلا الله وإن عيسى ليس بإلـه كما زعموا وإنما هو عبد الله ورسولـه ولو قالوا ما إلـه إلا الله بغير من لم يفد هذا المعنى { وإن الله لـهو العزيز } أي القادر على الكمال { الحكيم } في الأقوال والأفعال والتدبير { فإن تولوا } أي أعوضوا عن اتباعك وتصديقك وعما أتيت به من الدلالات والبينات { فإن الله عليم بالمفسدين } أي بمن يفسد من خلقه فيجازيهم على إفسادهم وإنما ذكر ذلك على جهة الوعيد وإلا فإنه تعالى عليم بالمفسد والمصلح جميعاً ونظيره قول القائل لغيره أنا عالم بشرّك وفسادك وقيل معناه إنه عليم بهؤلاء المجادلين بغير حق وبأنهم لا يقدمون على مباهلتك لمعرفتهم بنبوتك.