الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } * { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }

اللغة: المثل ذكر سائر يدل على أن سبيل الثاني سبيل الأول وتعالوا أصلـه من العلو يقال تعاليت أتعالى أي جئت وأصلـه المجيء إلى ارتفاع إلا أنه كثر في الاستعمال حتى صار بمعنى هلمَّ وقيل في الابتهال قولان أحدهما: أنهُ بمعنى الالتعان وافتعلوا بمعنى تفاعلوا كقولـهم: اشتوروا بمعنى تشاوروا ملهـه الله أي لعنه الله وعليه مهلة الله أي لعنة الله والآخر: أنه بمعنى الدعاء بالـهلاك قال لبيد:
نظر الدهر إليهم فابتهلْ   
أي دعا عليهم بالـهلاك فالبهل كاللعن وهو المباعدة عن رحمة الله عقاباً على معصيته ولذلك لا يجوز أن يلعن من ليس بعاص من طفل أو بهيم أو نحوهما. الإعراب: قولـه خلقه من تراب لا موضع لـه من الإعراب لأنه لا يصلح أن يكون صفة لآدم من حيث هو نكرة ولا يكون حالاً لـه لأنه ماض فهو متصل في المعنى غير متصل في اللفظ بعلامة من علامات الاتصال فيكون الرفع على تقدير فهو يكون والحق رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ذلك الأخبار في أمر عيسى الحق من ربك فحذف ذلك لدلالة شاهدة الحال عليه كما يقال الـهلال والله أي هذا الـهلال وقيل الحق مبتدأ وخبره قولـه من ربك. النزول: قيل نزلت الآيات في وفد نجران العاقب والسيد ومن معهما قالوا لرسول الله هل رأيت ولداً من غير ذكر فنزل { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } الآيات فقرأها عليهم عن ابن عباس وقتادة والحسن. فلما دعاهم رسول الله إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك فلما رجعوا إلى رجالـهم قال لـهم الأسقف انظروا محمداً في غد فإن غدا بولده وأهلـه فاحذروا مباهلته وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنه على غير شيء فلما كان الغد جاءَ النبي صلى الله عليه وسلم آخذاً بيد علي بن أبي طالب ع والحسن ع والحسين ع بين يديه يمشيان وفاطمة ع تمشي خلفه وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل بمن معه سأل عنهم فقيل لـه هذا ابن عمه وزوج ابنته وأحبّ الخلق إليه وهذان ابنا بنته من علي ع وهذه الجارية بنته فاطمة أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجثا على ركبتيه قال أبو حارثة الأسقف جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة فكع ولم يقدم على المباهلة فقال السيد ادن يا أبا حارثة للمباهلة فقال لا إني لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يَحُل والله علينا الحول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء فقال الأسقف: يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ينهض به فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألفي حلة من حلل الأواقي قسمة كل حلة أربعون درهماً فما زادا ونقص فعلى حساب ذلك وعلى عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمحاً وثلاثين فرساً أن كان باليمن كيد ورسول الله ضامن حتى يؤديّها وكتب لـهم بذلك كتاباً.

السابقالتالي
2 3