الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

القراءة: ذكرنا القراءة في يبشرّك والقول فيه. اللغة: المسيح فعيل بمعنى الدجال به وقيل المسيح عيسى بفتح الميم والتخفيف وهو الصديق والمسّيح بكسر الميم وتشديد السين نحو الشِرّير الدجال عن إبراهيم النخعي وأنكره غيره قال الشاعر:
إذ الْمَسيحُ يَقْتُلُ الْمَسِيّحَا   
والوجيه الكَريم على من يسألـه فلا يرده لكَرم وجهه عنده خلاف من يبذل وجهه للمسألة فيرد يقال وجهُ الرجل يَوْجُه وَجاهة ولـه وجاهة عند الناس وجاه أي منزلة رفيعة والكهل ما بين الشاب والشيخ ومنه اكتهل النبت إذا طال وقوي والمرأة كهلة قال الشاعر:
وَلا أعُودُ بَعْدَها كَرِيـّـا   أُمارِسُ الْكَهْلَةَ وَالْصَبِيّا
ومنه الكاهل ما فوق الظهر إلى ما يلي العنق وقيل الكهولة بلوغ أربع وثلاثين سنة. الإعراب: وجيهاً منصوب على الحال المعنى يبشرك الله بهذا الولد وجيهاً ويكلم في موضع النصب أيضاً على الحال عطفاً على وجيهاً وجائز أن يعطف بلفظ يفعل على فاعل لِمُضارعة يَفْعل فاعلاً قال الشاعر:
باتَ يُغَشّيها بِعَضْب باتِرِ   يَقْصِدُ في أسْوُقِها وَجائِرِ
أي قاصِداً سُوقَها وجائر وكهلاً حال من يكلم. المعنى: { إذ قالت الملائكة } قال ابن عباس يريد جبرائيل { يا مريم إن الله يبشرّك } يخبرك بما يسرّك { بكلمة منه } فيه قولان: أحدهما: أنه المسيح سمّاه كلمة عن ابن عباس وقتادة وجماعة من المفسرين وإنما سمي بذلك لأنه كان بكلمة من الله من غير والد وهو قولـه كن فيكون يدلّ عليه قولـهإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه } [آل عمران: 59] الآية وقيل وسميّ بذلك لأن الله بشرّ به في الكتب السالفة كما يقال الذي يخبرنا بالأمر إذا خرج موافقاً لأمره قد جاء من البشارة به في التوراة أتانا الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران وساعير هو الموضع الذي بعث منه المسيح وقيل لأن الله يهدي به كما يهدي بكلمته. والقول الثاني: إن الكلمة بمعنى البشارة كأنه قال ببشارة منه ولد { اسمه المسيح } فالأول أقوى ويؤيده قولـهإنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } [النساء: 171] وإنما ذكّر الضمير في اسمه وهو عائد إلى الكلمة لأنه واقع على مذكر فذهب إلى المعنى واختلف في أنه لم سمي بالمسيح فقيل لأنه مُسِح بالبركة واليمن عن الحسن وقتادة وسعيد، وقيل لأنه مُسِح بالتطهير من الذنوب، وقيل لأنه مُسح بدهن زيت بورك فيه وكانت الأنبياء تمسح به عن الجبائي، وقيل لأنه مسحه جبرائيل بجناحه وقت ولادته ليكون عوذة من الشيطان، وقيل لأنه كان يمسح رأس اليتامى لله، وقيل لأنه كان يمسح عين الأعمى فيبصر عن الكلبي، وقيل لأنه كان لا يمسح ذا عاهة بيده إلا برىء عن ابن عباس في رواية عطاء والضحاك.

السابقالتالي
2