الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

القراءة: قرأ الكسائي أن الدين بفتح الألف والباقون بكسر قال الزجاج وروي عن ابن عباس قال أنه لا إلـه إلا هو بكسر الألف والقراءة أنه بالفتح. الحجة: قال أبو علي الوجه الكسر في إنّ لأن الكلام الذي قبلـه قد تم ومن فتح أنّ جعلـه بدلاً والبدل وإن كان في تقدير جملتين فإن العامل لما لم يظهر أشبه الصفة فإذا جعلته بدلاً جاز أن تبدلـه من شيئين أحدهما: من قولـه أنه لا إلـه إلا هو فكان التقدير شهد الله أن الدين عند الله الإسلام فيكون البدل من الضرب الذي الشيء فيه وهو إن شئت جعلته من بدل الاشتمال لأن الإسلام يشتمل على التوحيد والعدل وإن شئت جعلته من القسط لأن الدين الذي هو الإسلام قسط وعدل فيكون من البدل الذي الشيء فيه هو هو وقال غيره أنا الأولى والثانية في العربية فتحهما جميعاً وكسرهما جميعاً وفتح الأولى وكسر الثانية وكسر الأولى وفتح الثانية فمن فتحهما أوقع الشهادة على أن الثانية وحذف حرف الإضافة من الأولى وتقديره شهد الله أنه لا إلـه إلا هو أن الدين عند الله الإسلام ومن كسرهما اعترض بالأولى على التعظيم للـه تعالى به كما قيل لبيك إن الحمد والنعمة لك وكسر الثانية على الحكاية لأن معنى شهد معنى قال قال المؤرج شهد بمعنى قال في لغة قيس عيلان ومن فتح الأولى وكسر الثانية وهو الأجود وعليه أكثر القراء أوقع الشهادة على الأولى واستأنف الثانية ومن كسر الأولى أو فتح الثانية اعترض بالأولى وأوقع الشهادة على الثانية. اللغة: حقيقة الشهادة الإخبار بالشيء عن مشاهدة أو ما يقوم مقام المشاهدة ومعنى الدين ها هنا الطاعة وأصلـه الجزاء وسميت الطاعة ديناً لأنها للجزاء ومنه الدَيْن لأنه كالجزاء في وجوب القضاء والإسلام أصلـه السلم معناه دخل في السلم وأصل السلم السلامة لأنها انقياد على السلامة ويصلح أن يكون أصلـه التسليم لأنه تسليم لأمر الله والتسليم من السلامة لأنه تأدية الشيء على السلامة من الفساد فالإسلام هو تأدية الطاعة على السلامة من الأدغال والإسلام والإيمان بمعنى واحد عندنا وعند المعتزلة غير أن عندهم الواجبات من أفعال الجوارح من الإيمان وعندنا الإيمان من أفعال القلوب الواجبة وليس من أفعال الجوارح وقد شرحناه في أول البقرة والإسلام يفيد الانقياد لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات الشرعية والاستسلام به وترك النكير عليه فإذا قلنا دين المؤمن هو الإيمان وهو الإسلام فالإسلام هو الإيمان ونظير ذلك قولنا الإنسان بشر والإنسان حيوان على الصورة الإنسانية فالحيوان على الصورة الإنسانية بشر والاختلاف ذهاب أحد النفسين إلى ما ذهب إليه الآخر فهذا الاختلاف في الأديان فأما الاختلاف في الأجناس فهو امتناع أحد الشيئين أن يسدّ مسدّ الآخر فيما يرجع إلى ذاته والبغي طلب الاستعلاء بالظلم وأصلـه من بغيت الحاجة إذا طلبتها.

السابقالتالي
2 3 4