الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } * { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }

اللغة: استجاب وأجاب بمعنى، وقيل استجاب طلب الإجابة وأجاب فعل الإجابة والقرح الجرح وأصلـه الخلوص من الكدر ومنه ماء قراح أي خالص والقراح من الأرض ما خلص طينه من الشيح وغيره، والقريحة خالص الطبيعة واقترحت عليه كذا أي اشتهيته عليه لخلوصي على ما تتوق نفسه إليه كأنه قال استخلصه وفرس قارح طلع نابه لخلوصه عن نقص الصغار ببلوغ تلك الحال والقرح الجراح لخلوص ألمه إلى النفس، والإحسان هو النفع الحسن، والإفضال النفع الزائد على أقل المقدار حسبنا الله أي كافينا الله وأصلـه من الحساب لأن الكفاية بحسب الحاجة وبحساب الحاجة، ومنه الحسبان وهو الظن والوكيل الحفيظ وقيل هو الولي وأصلـه القيام بالتدبير فمعنى الوكيل في صفات الله هو المتولي للقيام بتدبير خلقه لأنه مالكهم الرحيم بهم وهو في صفة غيره وإنما يعتد بالتوكيل. الإعراب: موضع الذين يحتمل ثلاثة أوجه من الإعراب الجرّ على أن يكون نعتاً للمؤمنين والأحسن والأشبه بالآية أن يكون موضع الرفع على الابتداء وخبره الجملة التي هي للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ويجوز النصب على المدح وتقديره أعني الذين استجابوا إذا ذكروا وكذلك القول في موضع الذين في الآية الثانية لأنهما نعت لموصوف واحد وقولـه { لم يمسسهم سوء } في موضع نصب على الحال وتقديره فانقلبوا بنعمة من الله وفضل سالمين والعامل فيه فانقلبوا. النزول: لما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد فبلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم عن المسلمين وتلاوموا فقالوا لا محمداً قتلـتم ولا الكواعب أردفتم قتلتموهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريدة تركتموهم فارجعوا فاستأصلوهم، فبلغ ذلك الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يرهب العدو ويريهم من نفسه وأصحابه قوة فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان وقال: " ألا عصابة تشديد لأمر الله تطلب عدوها فإنها أَنْكَا للعدو وأبعد للسمع " فانتدب عصابة منهم مع ما بهم من القراح والجراح الذي أصابهم يوم أحد ونادى منادي رسول الله: " ألا لا يخرجن أحد إلا من حضر يومنا بالأمس " وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرهب العدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم من عدوهم فينصرفوا فخرج في سبعين رجلاً حتى بلغ حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال وذكر علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " هل من رجل يأتينا بخبر القوم " فلم يجبه أحد فقال أمير المؤمنين: " أنا آتيك بخبرهم " قال: " اذهب فإن كانوا ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة وإن كانوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة "

السابقالتالي
2 3 4