الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } * { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

القراءة: قرأ ابن عامر قتلوا بالتشديد والباقون بالتخفيف وقرأ الكسائي وحده إنّ الله لا يضيع بكسر الألف والباقون بالفتح. الحجة: من قرأ قتلوا بالتخفيف فالوجه فيه أن التخفيف يصلح للقليل والكثير ووجه الفتح في أنَّ أنَّ المعنى ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجرهم ويتوفر ذلك عليهم ويوصلـه إليهم من غير نقص وبَخْس ووجه الكسر على الاستئناف. اللغة: أصل البشارة من البشرة لظهور السرور فيها ومنه البشر لظهور بشرته والمستبشر من طلب السرور في البشارة فوجده ولَحَقْتُ الشيء وألحقته غيري وقيل لحقت لغتان بمعنى واحد وجاء في الدعاء إن عذابك بالكفار ملحِق بكسر الحاء لاحق والنعمة هي المنفعة التي يستحق بها الشكر إذا كانت خالية من وجوه القبح لأن المنفعة على ضربين أحدهما: منفعة اغترار وحيلة والآخر: منفعة خالصة من شائبة الإساءة والنعمة تعظم بفعل غير المنعم كنعمة النبي صلى الله عليه وسلم على من دعاه إلى الإسلام فاستجاب لـه لأن دعاؤه أنفع من وجهين أحدهما: حسن النية في دعائه إلى الحق ليستحب لـه والآخر: بقصده الدعاء إلى حق يعلم أن يستجيب لـه المدعو وإنما يستدل بفعل غير المنعم على موضع النعمة في الجلالة وعظم المنزلة. الإعراب: أحياء رفع بأنه خبر مبتدأ محذوف أي بل هُم أحياء ولا يجوز النصب فيه بحال لأنه يصير التقدير فيه بل أحسبهم أحياء والمراد بل أعلمهم أحياء ويرزقون في موضع لأحياء وفرحين نصب على الحال من يرزقون وهو أولى من رفعه عطفاً على بل أحياء لأن النصب ينبئ عن اجتماع الرزق والفرح في حال واحدة ولو رفع على الاستئناف لكان جائزاً وقال الخليل موضع أن لا خوف عليهم جر بالباء على تقدير بأن لا خوف عليهم وقال غيره موضعهُ نصب على أنه بدل من قولـه { بالذين لم يلحقوا } وهو بدل الاشتمال مثل قولـه:يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } [البقرة: 217]. النزول: قيل نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين، وقيل نزلت في شهداء أحد وكانوا سبعين رجلاً أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وعثمان بن شماس وعبد الله بن جحش وسائرهم من الأنصار عن ابن مسعود والربيع وقتادة وقال الباقر ع: وكثير من المفسرين أنها تتناول قتلى بدر وأحد معاً، وقيل نزلت في شهداء بئر معونة. وكان سبب ذلك ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده عن أنس بن مالك وغيره قالوا قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة وكان سيد بني عامر بن صعصعة على رسول الله المدينة وأهدى لـه هدية فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلـها وقال: يا أبا براء لا أقبل هدية مشرك فأسلم إن أردت أن أقبل هديتك وقرأ عليه القرآن فلم يسلم ولم يعد وقال: يا محمد إن أمرك هذا الذي تدعو إليه حسن جميل فلو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني أخشى عليهم أهل نجد " فقال أبو براء: أنا لـهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة في سبعين رجلاً من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان وعروة ابن أسماء بن صلت السلمي ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وذلك في صفر سنة أربع من الـهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد فساروا حتى نزلوا بئر معونة فلما نزلوا قال بعضهم لبعض أيكم يبلغ رسالة رسول الله أهل هذه الماء فقال حرام بن ملحان أنا.

السابقالتالي
2 3 4 5