الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }

اللغة: أصل المن القطع يقال مًنَّه يمنهُ إذا قطعه والمن النعمة لأنه يقطع بها عن البلية يقال منَّ فلان عليَّ بكذا أي استنقذني به مما أنا فيه والمنُّ تكدير النعمة لأنه قطع لـها عن وجوب الشكر عليها والمنة القوة لأنه يقطع بها الأعمال. المعنى: ثم ذكر سبحانه عظيم نعمته على الخلق ببعثه نبينا فقال { لقد منَّ الله } أي أنعم الله { على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً } منهم خصَّ المؤمنين بالذكر وإن كان صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى جميع الخلق لأن النعمة عليهم أعظم لاهتدائهم به وانتفاعهم ببيانه ونظير ذلك ما تقدم بيانه من قولـه هدى للمتقين وقولـه: { من أنفسهم } فيه أقوال أحدها: أن المراد به من رهطهم يعرفون منشأه وصدقه وأمانته وكونه أميّاً لم يكتب كتاباً ولم يقرأه ليعلموا أن ما أتى به وحي منزل ويكون ذلك شرفاً لـهم وداعياً إياهم إلى الإيمان وثانيها: أن المراد به أنه يتكلم بلسانهم فيسهل عليهم تعلم الحكمة منه فيكون خاصاً بالعرب وثالثها: أنه عام لجميع المؤمنين والمراد بأنفسهم أنه من جنسهم لم يبعث ملكاً ولا جنياً وموضع المنة فيه أنه بعث فيهم من عرفوا أمره وخبَّروا شأنه وقولـه: { يتلو عليهم آياته } يعني القرآن { ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } مضى بيانه في سورة البقرة { وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } يعني أنهم كانوا في ضلال ظاهر بيِّن أي كفاراً وكفرهم هو ضلالـهم فأنقذهم الله بالنبي صلى الله عليه وسلم.