الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم أن يغل بفتح الياء وضم الغين وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين. الحجة: من قرأ يَغُلّ فمعناه يخون. يقال غَلّ في الغنيمة يغل إذا خان فيها وأغل بمعناه وقال النمر بن تولب:
جَزَى اللَّهُ عَنّا جَمْرَة بِنْتَ نَوْفَلِ   جَزاءَ مُغِلّ بالأَمانَــــةِ كاذِبِ
بهما سَألتْ عَنِّي الوُشاةَ لِيَكْذِبُوا   عَليَّ وَقَد أَوْلَيْتُهَا في النّوَائِبِ
ومن قرأ يُغَلّ فمعناه على وجهين أحدهما: ما كان لنبي أن يُخوَّن أي ينسب إلى الخيانة أي يقال لـه غللتَ كقولك أسقيته أي قلت لـه سقاك الله قال ذو الرّمة:
وَأَسْقِيهِ حَتّى كادَ مِمّــا أَبُثُّـــهُ   تُكَلِّمُني أَحْجَارُهُ وَمَلاعِبُهُ
وقال الكميت:
وَطائِفَةٌ قَدْ أَكْفَرَتْنِي بحُبِّكُمْ   وطَائِفَةٌ قالَتْ مُسِيءٌ ومَذُنِبُ
أي نسبتني إلى الكفر والآخر: ما كان لنبي أن يخان بمعنى يسرق منهُ ويؤخذ من الغنيمة التي حازها ويكون تخصيص النبي بذلك تعظيماً للذنب قال أبو علي الفسوي: الحجة لمن قرأ أن يَغُلَّ إنما جاء في التنزيل من هذا النحو أسند الفعل فيه إلى الفاعل نحو:ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء } [يوسف: 38]ما كان ليأخذ أخاه } [يوسف: 76] وما كان لنفس أن تموت } [آل عمران: 145] وما كان الله ليضل قوماً } [التوبة: 115] وما كان الله ليطلعكم على الغيب } [آل عمران: 179] ولا يكاد يقال ما كان لزيد أن يُضْرب وما كان لزيد ليُضْرَب فيسند الفعل فيه إلى المفعول بهِ فكذلك قولـه وما كان لنبي أن يُغَلّ يسند الفعل فيهِ إلى الفاعل ويروى عن ابن عباس أنهُ قرأ يَغُلّ فقيل لـه إن عبد الله قرأ يُغَلَّ فقال ابن عباد بلى والله ويقتل وروي عن ابن عباس أيضاً أنهُ قال وقد كان النبي يقتل فكيف لا يُخوَّن. اللغة: أصل الغلول من الغَلل وهو دخول الماء في خلل الشجر يقال انغل الماء في أصول الشجر والغُلُول الخيانة لأنها تجري في المِلك على خفاء من غير الوجه الذي يحلّ كالغلل ومنهُ الغل الحقل لأنه يجري في النفس كالغلل ومنه الغليل حرارة العطش والغلة كأنّها تجري في الملك من جهات مختلفة والغلالة لأنها شعار تحت البدن. النزول: روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من المغنم فقال بعضهم لعل النبي صلى الله عليه وسلم أخذها. وفي رواية الضحاك عنه أن رجلا غلّ بمخيط أي بإِبرة من غنائم هوازن يوم حنين فنزلت الآية. وعن مقاتل: أنها نزلت في غنائم أحد حين ترك الرماة المركز طلباً للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله من أخذ شيئاً فهو لـه ولا يقسم كما لم يقسم يوم بدر ووقعوا في الغنائم فقال رسول الله:

السابقالتالي
2 3